رضي الله عنهما ـ : كتب لمن يفتري على الله سواد الوجه (١). قال تعالى (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [الزمر : ٦٠].
وقيل المراد ب «النصيب» أن أهل الذمة يجب علينا أن لا نتعدى عليهم ، وأن ننصفهم ونذب عنهم.
وقال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ وسعيد بن جبير ـ رضي الله عنه ـ ومجاهد : ما سبق لهم من السّعاد والشّقاوة ، فإن قضى الله لهم بالختم على الشّقاوة أبقاهم على كفرهم ، وإن قضى لهم بالختم على السعادة ؛ نقلهم إلى الإيمان (٢) وقال الرّبيع ، وابن زيد ومحمّد بن كعب القرظيّ : ما كتب لهم من الأرزاق والأعمار ، والأعمال ، فإذا فنيت وانقضت (جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ)(٣).
قوله تعالى «من الكتاب» في محلّ الحال من نصيبهم أي : حال كونه مستقرا من الكتاب و «من» لابتداء الغاية.
قوله : «حتّى إذا» «حتّى» هنا غاية ، و «إذا» وما في حيزها تقدّم الكلام عليها هل هي جارة ، أو حرف ابتداء؟ وتقدّم عبارة الزّمخشريّ (٤).
واختلفوا فيها إذا كانت حرف ابتداء أيضا.
فقال ابن درستويه هي حينئذ جارّة ، وتتعلّق بما قبلها تعلّق حروف الجرّ من حيث المعنى لا من حيث اللفظ ، والجملة بعدها في محل جرّ.
وقال الجمهور : إذا كانت حرف ابتداء فليست جارّة ، بل حرف ابتداء فقط.
وإن كان معناها الغاية كقول القائل في ذلك : [الطويل]
٢٤٥٩ ـ سريت بهم حتّى تكلّ مطيّهم |
|
وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان (٥) |
وقول الآخر في ذلك : [الطويل]
٢٤٦٠ ـ فما زالت القتلى تمجّ دماءها |
|
بدجلة حتّى ماء دجلة أشكل (٦) |
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٤٨١).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٤٧٨ ـ ٤٧٩) عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٥٣) عن ابن عباس وزاد نسبته لأبي الشيخ.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٤٨١) عن الربيع ومحمد بن كعب القرظي وابن زيد.
ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٥٣) عن القرظي وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وذكره أيضا عن الربيع (٣ / ١٥٤) وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ١٠٢.
(٥) تقدم.
(٦) تقدم.