وقال مكيّ (١) : «هو تخفيف نكد بالكسر مثل كتف في كتف».
يقال : رجل نكد ، وأنكد ، والمنكود : العطاء النّزر وأنشدوا [في ذلك] : [السريع]
٢٤٩٥ ـ وأعط ما أعطيته طيّبا |
|
لا خير في المنكود والنّاكد (٢) |
وأنشدوا : [المنسرح]
٢٤٩٦ ـ لا تنجز الوعد إن وعدت وإن |
|
أعطيت أعطيت تافها نكدا (٣) |
وقرأ ابن أبي عبلة وأبو حيوة (٤) وعيسى بن عمر : «يخرج» مبنيّا للمفعول ، «نباته» مرفوعا لقيامه مقام الفاعل ، وهو الله تعالى.
وقوله : (وَالَّذِي خَبُثَ) صفة لموصوف محذوف ، أي : والبلد التي خبث ، وإنّما حذف لدلالة ما قبله عليه ، كما أنّه قد حذف منه الجار في قوله : «بإذن ربّه» ، إذ التقدير : والبلد الذي خبث لا يخرج بإذن ربه إلا نكدا. ولا بدّ من مضاف محذوف : إمّا من الأوّل تقديره: ونبات الذي خبث لا يخرج ، وإمّا من الثّاني تقديره : والذي خبث لا يخرج نباته إلا نكدا ، وغاير بين الموصولين ، فجاء بالأول بالألف واللّام ، وفي الثّاني جاء بالذي ، ووصلت بفعل ماض.
قوله : «كذلك» تقدم نظيره.
(نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ).
قرىء : «يصرّف» أي يصرفها الله ، وختم هذه الآية بقوله : (لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ؛) لأنّ الذي سبق ذكره هو أنّه تعالى يحرك الرّياح اللطيفة النافعة ، ويجعلها سببا لنزول المطر ، الذي هو الرّحمة ، ويجعل تلك الرياح والأمطار سببا لحدوث أنواع النّبات النافعة ، فمن هذا الوجه ذكر الدّليل الدّال على وجود الصّانع ، وعلمه ، وقدرته ، وحكمته ، ونبّه من وجه آخر على إيصال هذه النعم العظيمة إلى العباد ، فمن الوجه الأوّل وصفها بأنّها آيات ، ومن الوجه الثّاني أنّها نعم يجب شكرها وخصّها بكونها آيات للشّاكرين ؛ لأنّهم المنتفعون بها ، كقوله : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(٥) [البقرة : ٢].
__________________
(١) ينظر : المشكل ١ / ٣٢٢.
(٢) البيت ينظر الرازي ١٤ / ١٤٥ ، الشهاب علي البيضاوي ٤ / ١٧٧ ، البحر ٣ / ٣١٨ ، الطبري ١٢ / ٤٩٥ ، التهذيب واللسان (نكد) ، الدر المصون ٣ / ٢٨٦.
(٣) ينظر مجاز القرآن (١ / ٢١٧) والطبري ٥ / ٥١٩ ، واللسان (تفه) وحاشية الشهاب ٤ / ١٧٧ ، والبحر ٤ / ٣١٧ ، وزاد المسير ٣ / ٢٢٠ ، والدر المصون ٣ / ٢٨٧ ، وفتح الباري ٨ / ٢٢٥ ، وروح المعاني ٨ / ١٤٧.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ١١٢ ، والمحرر الوجيز ٢ / ٤١٤ إلا أن ابن عطية ضبطها بضم الياء وكسر الراء ونصب التاء.
وينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٢٢ ، والدر المصون ٣ / ٢٨٧.
(٥) ينظر تفسير الرازي ١٤ / ١١٨ ـ ١١٩.