المادة في «آل عمران» (١) ، وهو يتعدى لاثنين ، فالثّاني محذوف أي : بوّأكم منازل.
و «في الأرض» متعلّق بالفعل ، وذكرت ليبنى عليها ما يأتي بعدها من قوله : «تتّخذون».
قوله : «تتّخذون» يجوز أن تكون المتعدية لواحد فيكون من سهولها متعلقا بالاتخاذ ، أو بمحذوف على أنّه حال من قصورا إذ هو في الأصل صفة لها لو تأخّر ، بمعنى أنّ مادة القصور من سهل الأرض كالطّين واللّبن والآجر كقوله : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ) [الأعراف : ١٤٨] [أي مادته من الحلي](٢).
وقيل : «من» بمعنى «في». وفي التّفسير أنّهم كانوا يسكنون في القصور صيفا ، وفي الجبال شتاء ، وأن تكون المتعدية لاثنين ثانيهما «من سهولها» والسهل من الأرض ما لان وسهل الانتفاع به ضد الحزن ، والسهولة : التّيسير.
قوله : «قصورا» [والقصور هو جمع قصر](٣) وهو البيت المنيف ، سمّي بذلك لقصور النّاس عن الارتقاء إليه ، أو لأن عامة النّاس يقصرون عن بناء مثله بخلاف خواصهم ، أو لأنّه يقتصر به على بقعة من الأرض ، بخلاف بيوت الشّعر والعمد ، فإنّها لا يقتصر بها على بقعة مخصوصة لارتحال أهلها ؛ أو لأنّه يقصر من فيه أي : يحبسه ، ومنه : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) [الرحمن : ٧٢].
قوله : (وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً) يجوز أن يكون نصب «الجبال» على إسقاط الخافض أي : من الجبال ، كقوله : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) [الأعراف : ١٥٥] ، فتكون «بيوتا» مفعوله.
ويجوز أن يضمّن «تنحتون» معنى ما يتعدّى لاثنين أي وتتخذون الجبال بيوتا بالنحت أو تصيرونها. [بيوتا بالنّحت.
ويجوز أن تكون «الجبال» هو المفعول به و «بيوتا» حال مقدرة كقولك : خط هذا الثّوب جبة [وابر هذه القصبة قلما ؛ وذلك لأن الجبال لا تكون بيتا في حال النحت ، ولا الثوب ولا القصبة قميصا وقلما في حالة الخياطة والبري](٤) ، أي : مقدّرا له كذلك](٥) و «بيوتا» وإن لم تكن مشتقة فإنّها في معناه أي : مسكونة.
وقرأ الحسن (٦) : «تنحتون» بفتح الحاء. وزاد الزّمخشريّ أنه قرأ (٧) «تنحاتون» بإشباع الفتحة [ألفا] ، وأنشد : [الكامل]
__________________
(١) ينظر تفسير الآية (١١٢) من سورة آل عمران.
(٢) سقط من ب.
(٣) سقط من ب.
(٤) سقط من ب.
(٥) سقط من أ.
(٦) ينظر : الكشاف ٢ / ١٢٢ ، والمحرر الوجيز ٢ / ٤٢٣ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٣٢ ، والدر المصون ٣ / ٢٩٣.
(٧) ينظر : الكشاف ٢ / ١٢٢.