ممدودة وتليين الثّانية ، وقرأ أبو عمرو بهمزة ممدودة للتّخفيف وتليين الثانية ، والباقون بهمزتين على الأصل.
قال الواحديّ (١) : «كان هذا استفهاما معناه الإنكار لقوله تعالى : (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ،) وكلّ واحد من الاستفهامين جملة مستقلة غير محتاجة في تمامها إلى شيء آخر».
قوله : (لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً) قيل : نصب «شهوة» على أنه مفعول من أجله ، أي : لأجل الاشتهاء لا حامل لكم عليه إلّا مجرّد الشّهوة لا غير.
وقيل : إنّها مصدر واقع موقع الحال ، أي : مشتهين أو باق على مصدريّته ، ناصبه «أتأتون» ؛ لأنّه بمعنى أتشتهون.
ويقال : شهي يشهى شهوة ، [وشها يشهو شهوة](٢) قال الشّاعر : [الطويل]
٢٥١٢ ـ وأشعث يشهى النّوم قلت له : ارتحل |
|
إذا ما النّجوم أعرضت واسبكرّت (٣) |
وقد تقدّم ذلك في آل عمران (٤).
قوله : «من دون النّساء» فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّه متعلق بمحذوف ، لأنّه حال من «الرّجال» أي : أتأتونهم منفردين عن النّساء.
والثاني : أنّه متعلّق ب «شهوة» ، قاله الحوفيّ. وليس بظاهر أن تقول : «اشتهيت من كذا» ، إلّا بمعنى غير لائق هنا.
والثالث : أن يكون صفة ل «شهوة» أي : شهوة كائنة من دونهن.
قوله : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) «بل» للإضراب ، والمشهور أنه إضراب انتقال من قصّة إلى قصّة ، فقيل : عن مذكور ، وهو الإخبار بتجاوزهم عن الحدّ في هذه الفاحشة ، أو عن توبيخهم وتقريرهم ، والإنكار عليهم.
وقيل : بل للإضراب عن شيء محذوف. واختلف فيه :
فقال أبو البقاء (٥) : «تقديره : ما عدلتم بل أنتم».
وقال الكرمانيّ : «بل» ردّ لجواب زعموا أن يكون لهم عذرا أي : «لا عذر لكم بل».
وجاء هنا بصفة القوم اسم الفاعل وهو «مسرفون» ؛ لأنّه أدلّ على الثّبوت ولموافقة رءوس الآي ؛ فإنّها أسماء.
__________________
(١) ينظر : تفسير الرازي ١٤ / ١٣٧.
(٢) سقط من أ.
(٣) البيت للحطيئة ينظر : ديوانه (١١٨) ، الطبري ١٢ / ٥٤٨ ، الدر المصون ٣ / ٢٩٨.
(٤) ينظر تفسير الآية (١٤) من سورة آل عمران.
(٥) ينظر : الإملاء ١ / ٢٧٩.