نعود فيها» أي يكون ذلك العود جائزا ، والمشيئة عند أهل السنة لا توجب جواز الفعل ، فإنه
__________________
ـ وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به. فكان هذا الخبر مانعا من قبول الصلاة بالمسح على الخفين لأنه ليس مثل وضوئه.
والجواب عنه هو أنه محمول على أول الإسلام قبل الرخصة في المسح على الخفين. على أنه قال ذلك وهو ظاهر القدمين.
ومن كان ظاهر القدمين لم يجزه المسح على الخفين.
وثالثا : بما روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سأل أبا مسعود البدري عن المسح على الخفين فقال أبو مسعود رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يمسح عليهما ـ فقال له علي : أكان ذلك قبل سورة المائدة أو بعدها فسكت أبو مسعود. قالوا : ـ فكان علي يرى ذلك منسوخا بسورة المائدة.
والجواب عنه من وجوه :
الأول : أن الرواية الثانية عن علي بالمسح على الخفين تمنع صحة هذا الحديث فقد روي في صحيح مسلم وغيره عن شريح بن هانىء قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن المسح على الخفين فقالت سل عليا فإنه أعلم بهذا مني كان يسافر مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فسألته فقال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة.
والثاني : أنه إنما سأله استخبارا عن زمان المسح لا إنكارا له.
والثالث : أنه إنما سأله ليظهر في الناس قلة ضبطه وضعف حزمه وسوء فهمه لأن أبا مسعود كان ممن توقف عن بيعته.
ورابعا : بما روي عن عائشة أنها أنكرت المسح على الخفين وقالت لأن تقطع رجلاي بالموسى أحب إليّ من المسح على الخفين ـ والجواب عنه من وجهين.
أحدهما : أنها لم تنكر المسح على الخفين وإنما كرهت بذلك السفر المحوج إلى المسح عليهما وقالت : لأن تقطع رجلاي فلا أسافر أحب إليّ من السفر الذي أمسح فيه على الخفين.
وثانيهما : أن إنكارها مع ثبوت السنة به واشتهارها وعمل الصحابة بها مدفوع ليس فيه دليل.
وخامسا : بما قد روي أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه رأى سعد بن أبي وقاص يمسح على خفيه فأنكر عليه. والجواب عنه أن سعدا قال لابن عمر حين أنكر عليه : سل أباك. فسأله فقال له أصاب السنة.
وسادسا : بما قد روي عن جابر بن يزيد الجعفي أنه قال لم يختلف أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ثلاثة أشياء أحدها أن لا يقولوا في أبي بكر وعمر إلا خيرا ـ والثاني ألا يمسحوا على الخفين ـ والثالث أن يجهروا ببسم الله الرحمن الرحيم. والجواب عنه أن جابرا ضعيف ومتروك الحديث وقد مسح علي وابن عباس وهما من أهل بيت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم على أنه روي عنه أنه قال ـ وأن تمسحوا على الخفين ، فروي عنهم (أي عن أهل بيت رسول الله) جوازه فتكون هذه الرواية هي الصحيحة عنه لموافقتها السنة الصحيحة والإجماع على جواز المسح عليهما.
وسابعا : ـ قالوا : ولأنكم أنكرتم المسح على الرجلين وذلك أقرب إلى تطهيرهما من المسح على الخفين فكيف وأنتم تنكرون ما هو أيسر وأقرب تستجيزون ارتكاب ما هو أعظم وأبعد. والجواب عنه : هو أنه اعتراض على السنة في الموضعين. ومنتقض بالمسح على الجبائر فإنه يجوز باتفاق.
وثامنا : قالوا : ولأنه لما امتنع من أراد الوضوء من سائر الأعضاء أي باقيها أن يمسح على حائل دونها امتنع مثله في الرجلين فلا يجوز له أن يمسح على حائل دونهما ، والجواب عنه هو أن السنة استثنت الرجلين في جواز الانتقال من غسلهما إلى المسح على الخفين دون سائر الأعضاء ولا يقاس مخصوص على منصوص. ـ