مشبعا](١) وهي هنا معترضة بين الاسم والخبر ، وقد توهّم بعضهم فجعل «إذن» هذه «إذا» الظرفية في الاستقبال نحو [قولك](٢) : «ألزمك إذا جئتني» أي وقت مجيئك.
قال : «ثم حذفت الجملة المضافة هي إليها ، والأصل : إنكم إذا اتبعتموه لخاسرون ، ف «إذا» ظرف والعامل فيه «لخاسرون» ، ثم حذفت الجملة المضافة إليها وهي «اتبعتموه» ، وعوّض منها التنوين ، فلما جيء بالتنوين وهو ساكن التقى بمجيئه ساكنان ، هو والألف قبله ، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين ، فبقي اللفظ «إذن» كما ترى».
وزعم هذا القائل أن ذلك جائز بالحمل على «إذا» التي للمضيّ في قولهم : «حينئذ» و «يومئذ» فكما أن التنوين هنا عوض عن جملة عند الجمهور كذلك هنا.
وردّ أبو حيان هذا بأنه لم يثبت هذا الحكم ل «إذا» الاستقبالية في غير هذا الموضع فيحمل هذا عليه.
قال شهاب الدين (٣) : وهذا ليس بلازم إذ لذلك القائل أن يقول : قد وجدت موضعا غير هذا وهو قوله تعالى : (إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) [يوسف : ٧٩].
وقد رأيت كلام القرافي في قوله صلىاللهعليهوسلم لمّا سألوه عن بيع الرطب بالتمر فقال : أينقص الرّطب إذا جفّ؟ فقالوا : نعم. فقال : فلا إذن : أن «إذن» هذه هي «إذا» الظرفية ، قال : كالتي في قوله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ) [الزلزلة : ١] فحذفت الجملة ، وذكره إلى آخره.
وكنت لمّا رأيته تعجبت غاية العجب كيف يصدر هذا منه حتى رأيته في كتاب الشيخ في هذا الموضع عن بعضهم ولم يسمّه ، فذهب تعجبي منه ، فإن لم يكن ذلك القائل القرافيّ فقد صار له في هذه المسألة سلف ، وإلّا فقد اتحد الأصل ، والظاهر أنه غيره.
وقوله : «إنكم» هو جواب والقسم الموطّأ له باللّام.
وقال الزمخشري (٤) : فإن قلت : ما جواب القسم الذي وطّأته اللام في قوله : «لئن اتبعتم شعيبا» وجواب الشرط؟.
قلت : قوله : (إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) سادّ مسد الجوابين.
قال أبو حيان (٥) : «فالذي قاله النحويون : إن جواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ، ولذلك وجب مضيّ فعل الشرط فإن عنى بأنه سادّ مسدّهما أنه اجتزىء بذكره عن ذكر جواب الشرط فهو قريب ، وإن عنى من حيث الصناعة النحوية فليس كما زعم ، لأن الجملة يمتنع ألا يكون لها محل من الإعراب وأن يكون لها محلّ من الإعراب».
وهذه المسألة قد تقدّمت مرارا واعتراض الشيخ عليه ، وتقدّم جوابه ويعني الشيخ بقوله : لأنّ الجملة يمتنع أن يكون لها محلّ من الإعراب إلى آخره ؛ لأنها من حيث كونها
__________________
(١) سقط من أ.
(٢) سقط من أ.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٣٠٤.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ١٣١.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٤٧.