وقال الفرّاء (١) : «وجاز أن تردّ «يفعل» [على فعل](٢) في جواب «لو» كقوله : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ) [يونس : ١١] فقوله : «فنذر» مردود على «لقضى» ، وهذا قول الجمهور ، ومفعول «يشاء» محذوف لدلالة جواب «لو» عليه ، والتّقدير : لو يشاء تعذيبهم ، أو الانتقام منهم.
وأتى جوابها بغير لام ، وإن كان مبنيّا على أحد الجائزين وإن كان الأكثر خلافه ، كقوله تعالى : (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) [الواقعة : ٧٠].
قوله : «ونطبع» في هذه الجملة أوجه :
أحدها : أنّها نسق على «أصبناهم» وجاز عطف المضارع على الماضي ؛ لأنّه بمعناه ، وقد تقدّم أنّ «لو» تخلّص المضارع للمضيّ ، ولما حكى أبو حيّان كلام ابن الأنباريّ المتقدم قال: «فجعل «لو» شرطيّة بمعنى «إن» ولم يجعلها التي هي لما كان سيقع لوقوع غيره ، ولذلك جعل «أصبنا» بمعنى نصيب.
ومثال وقوع «لو» بمعنى «إن» قوله : [الكامل]
٢٥٣٣ ـ لا يلفك الرّاجيك إلّا مظهرا |
|
خلق الكرام ولو تكون عديما (٣) |
وهذا الذي قاله ابن الأنباريّ ردّه الزّمخشريّ من حيث المعنى ، لكن بتقدير : أن يكون «ونطبع» بمعنى «طبعنا» فيكون قد عطف المضارع على الماضي لكونه بمعنى الماضي (٤) وابن الأنباري جعل التّأويل في «أصبنا» الذي هو جواب «لو نشاء» فجعله بمعنى «نصيب» فتأوّل المعطوف عليه وهو الجواب ، وردّه إلى المستقبل ، والزمخشريّ تأوّل المعطوف وردّه إلى المضي وأنتج ردّ الزّمخشري أنّ كلا التقديرين لا يصحّ».
قال الزمخشريّ (٥) : «فإن قلت : هل يجوز أن يكون «ونطبع» بمعنى «طبعنا» كما كان «لو نشاء» بمعنى «لو شئنا» ويعطف على «أصبناهم»؟
قلت : لا يساعد على المعنى ؛ لأنّ القوم كانوا مطبوعا على قلوبهم ، موصوفين بصفة من قبلهم من اقتراف الذّنوب والإصابة بها ، وهذا التّفسير يؤدّي إلى خلوّهم من هذه الصّفة ، وأن الله لو شاء لاتّصفوا بها».
قال أبو حيّان (٦) : «وهذا الرّدّ ظاهر الصّحّة ، وملخصه : أن المعطوف على الجواب جواب ، سواء تأوّلنا المعطوف عليه أم المعطوف ، وجواب «لو» لم يقع بعد ، سواء كانت حرفا لما كان سيقع لوقوع غيره أم بمعنى «إن» الشّرطية ، والإصابة لم تقع ، والطّبع على القلوب واقع ، فلا يصحّ أن تعطف على الجواب. فإن تؤوّل «ونطبع» على معنى : وتستمرّ
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ٣٨٦.
(٢) سقط من أ.
(٣) تقدم.
(٤) سقط من أ.
(٥) ينظر : الكشاف ٢ / ١٣٥.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٥٢.