ذكرهم وهم : نوح ، وصالح ، وشعيب وهود ويجوز أن تعود إلى الأمم الذين تقدّم إهلاكهم.
وقوله : «بآياتنا» أي بأدلّتنا ومعجزاتنا ، وهذا يدلّ على أنّ النبي لا بد له من آية ومعجزة يتميز بها عن غيره ، وإلا لم يكن قوله أولى من قول غيره.
قال ابن عباس : أوّل آياته العصا ثم اليد ، ضرب بالعصا باب فرعون ففزع منها فشاب رأسه ، فاستحيا فخضب بالسّواد ، فهو أوّل من خضب (١) ، قال : وآخر الآيات الطّمس ، قال: وللعصا فوائد :
منها ما هو مذكور في القرآن كقوله : (قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) [طه : ١٨] ، وقوله : (اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) [البقرة : ٦٠] ، (اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) [الشعراء : ٦٣].
وذكر ابن عباس أشياء أخرى : منها أنّه كان يغرسها فتنبت كالثمر وانقلابها ثعبانا وكان يحارب بها اللّصوص والسباع التي كانت تقصد غنمه (٢).
ومنها أنّها كانت تشتعل في الليل كالشّمعة ومنها أنّها كانت تصير كالحبل الطّويل فينزح الماء من البئر العميقة.
ومنها أنّه كان يضرب بها الأرض فتنبت.
واعلم أنّ المذكور في القرآن معلوم ، وأمّا المذكور في غير القرآن فإن ورد في خبر صحيح فهو مقبول ، وإلّا فلا. قوله : (فَظَلَمُوا بِها) يجوز أن يضمن «ظلموا» معنى «كفروا» فيتعدّى بالباء كتعديته ويؤيده (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣] ، ويجوز أن تكون «الباء» سببيّة والمفعول محذوف تقديره : فظلموا أنفسهم وظلموا النّاس بمعنى صدوهم عن الإيمان بسبب الآيات.
والظّلم : وضع الشّيء في غير موضعه فظلمهم : وضع الكفر موضع الإيمان.
قوله : (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) «كيف» خبر ل «كان» مقدّم عليها واجب التّقديم ؛ لأنّ له صدر الكلام ، و «عاقبة» اسمها وهذه الجملة الاستفهامية في محلّ نصب على إسقاط حرف الجرّ إذ التقدير : فانظر إلى كذا ، والمعنى : فانظر بعين عقلك كيف فعلنا بالمفسدين.
قوله تعالى : (وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلى
__________________
(١) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٤ / ١٥٤) عن ابن عباس.
(٢) ذكره الرازي في تفسيره (١٤ / ١٥٤) عن ابن عباس.