والأوجه الأربعة التي للزمخشريّ ولكن هذه وجوه متعسّفة ، وليس المعنى إلّا على ما ذكرته أوّلا ، يعني وجه ابن مقسم ، وهذا فيه الإشكال الذي ذكره الشيخ يعني أبا حيّان يعني من إعمال اسم الفاعل أو الجاري مجراه وهو موصوف».
وأمّا قراءة نافع فواضحة وفيها ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون الكلام قد تم عند قوله : «حقيق» ، و «عليّ» خبر مقدّم ، «ألّا أقول» مبتدأ مؤخر ، كأنّه قيل : عليّ عدم قول غير الحقّ أي : فلا أقول إلا الحقّ.
الثاني : أن يكون «حقيق» خبرا مقدما ، و «ألّا أقول» مبتدأ على ما تقدّم بيانه.
الثالث : «أن لا أقول» فاعل ب «حقيق» كأنّه قيل : يحقّ ويجب أن لا أقول ، وهذا أغرب الوجوه لوضوحه لفظا ومعنى ، وعلى الوجهين الأخيرين تتعلّق «عليّ» ب «حقيق» لأنّك تقول : «حقّ عليه كذا» قال تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) [الأحقاف: ١٨]. وعلى الوجه الأوّل يتعلّق بمحذوف على ما تقرر.
وأمّا رفع «حقيق» فقد تقدّم أنّه يجوز أن يكون خبرا مقدّما ، ويجوز أن يكون صفة ل «رسول» ، وعلى هذا فيضعف أن يكون «من رب» صفة لئلا يلزم تقديم الصفة غير الصّريحة [على الصّريحة] ، فينبغي أن يكون متعلّقا بنفس «رسول» ، وتكون «من» لابتداء الغاية مجازا.
ويجوز أن يكون خبرا ثانيا. ويجوز أن يكون مبتدأ وما بعده الخبر على قراءة من شددّ الياء ، وسوّغ الابتداء بالنكرة حينئذ تعلّق الجارّ بها.
فقد تحصّل في رفعه أربعة أوجه ، وهل هو بمعنى فاعل ، أو بمعنى مفعول؟ الظّاهر أنّه يحتمل الأمرين مطلقا ، أعني على قراءة نافع وقراءة غيره.
وقال الواحديّ ناقلا عن غيره : «إنّه مع قراءة نافع محتمل للأمرين ، ومع قراءة العامّة بمعنى مفعول فإنّه قال : «وحقيقق على هذا القراءة ـ يعني قراءة نافع ـ يجوز أن يكون بمعنى فاعل».
قال شمر : «تقول العرب : حقّ عليّ أن أفعل كذا».
وقال الليث : «حقّ الشّيء معناه وجب ، ويحقّ عليك أن تفعله ، وحقيق عليّ أن أفعله ، فهذا بمعنى فاعل» ثم قال : وقال اللّيث : وحقيق بمعنى مفعول ، وعلى هذا تقول : فلان محقوق عليه أن يفعل.
قال الأعشى : [الطويل]
٢٥٣٧ ـ لمحقوقة أن تستجيبي لصوته |
|
وأن تعلمي أنّ المعان موفّق (١) |
__________________
(١) البيت للأعشى ينظر : ديوانه ص ٢٧٣ ، تخليص الشواهد ص ١٨٨ ، الصاحبي في فقه اللغة ٢١٦ ، خزانة الأدب ٣ / ٢٥٢ ، ٥ / ٢٩١ ، ٢٩٣ كتاب الصناعتين ص ١٤٣ ، لسان العرب (حقق) ، الإنصاف ١ / ٥٨ الدر المصون ٣ / ٣١٥.