٢٥٣٦ ـ إذا تغنّى الحمام الورق هيّجني |
|
ولو تسلّيت عنها أمّ عمّار (١) |
الرابع : أن تكون «على» بمعنى «الباء» ، وبهذا الوجه قال أبو الحسن والفراء (٢) والفارسيّ (٣) ، قالوا : إنّ «على» بمعنى الباء كما أن الباء بمعنى «على» في قوله : (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ) [الأعراف : ٨٦] أي : على كلّ.
وقال الفرّاء : العرب تقول : رميت على القوس وبالقوس وجئت على حال حسنة وبحال حسنة ، وتؤيده قراءة أبيّ والأعمش «حقيق بأن لا أقول» إلّا أنّ الأخفش قال : «وليس ذلك بالمطّرد لو قلت : «ذهبت على زيد» تريد : «بزيد» لم يجز» ، وأيضا فلأن مذهب البصريّين عدم التجوّز في الحروف.
الخامس : ـ وهو الأوجه والأدخل في نكت القرآن ـ أن يغرق موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ [في وصف نفسه](٤) بالصّدق في ذلك المقام لا سيما وقد روي أنّ فرعون ـ لعنه الله ـ لمّا قال موسى : إنّي رسول من رب العالمين قال له : كذبت فيقول : أنا حقيق على قول الحقّ أي : واجب عليّ قول الحقّ أن أكون أنا قائله والقائم به ، ولا يرضى إلّا بمثلي ناطقا به.
قال أبو حيّان (٥) : ولا يصحّ هذا الوجه إلّا إن عنى أنه يكون «أن لا أقول» صفة له كما تقول : أنا على قول الحقّ أي : طريقتي وعادتي قول الحقّ.
السادس : أن تكون «على» متعلقة ب «رسول».
قال ابن مقسم : حقيق من نعت «رسول» أي رسول حقيق من ربّ العالمين أرسلت على ألّا أقول على الله إلا الحقّ ، وهذا معنى صحيح واضح ، وقد غفل أكثر المفسرين من أرباب اللّغة عن تعليق «على» ب «رسول» ، ولم يخطر لهم تعليقه إلّا ب «حقيق».
قال أبو حيّان (٦) : وكلامه فيه تناقض في الظّاهر ؛ لأنّه قدّر أولا العامل في «على» «أرسلت» وقال أخيرا : «لأنّهم غفلوا عن تعليق «على» ب «رسول» ، فأمّا هذا الأخير فلا يجوز عند البصريين ؛ لأنّ رسولا قد وصف قبل أن يأخذ معموله ، وذلك لا يجوز ، وأمّا تعليقه ب «أرسلت» مقدّرا لدلالة لفظ «رسوله» عليه فهو تقدير سائغ.
ويتأوّل كلامه أنّه أراد بقوله تعلّق «على» ب «رسول» أنه لمّا كان دالّا عليه صحّ نسبة التّعلق له.
قال شهاب الدّين (٧) : «وقال أبو شامة بعد ما ذكر هذا الوجه عن ابن مقسم :
__________________
(١) البيت للنابغة الذبياني ينظر : ديوانه ص ٢٠٣ ، الكتاب ١ / ٢٨٦ ، الخصائص ٢ / ٤٢٤ ، لسان العرب (هيج) الدر المصون ٣ / ٣١٤. جمهرة أشعار العرب ٥٢ ـ ٥٦.
(٢) ينظر : معاني القرآن له ١ / ٣٨٦.
(٣) ينظر : الحجة ٤ / ٥٧.
(٤) سقط من أ.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٥٦.
(٦) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٥٧.
(٧) ينظر : الدر المصون ٣ / ٣١٥.