فصرخوا إلى موسى وحلفوا له لئن رفعت عنّا هذا العذاب لنؤمننّ بك ، فدعا الله تعالى
فأمات الضّفادع ، فأرسل عليها المطر ؛ فأحملتها ، ثمّ أقاموا شهرا ثم نقضوا العهد وعادوا لكفرهم.
فأرسل الله عليهم الدّم فجرت أنهارهم دما ، فما يستقون من الآبار والأنهار إلّا وجدوه دما عبيطا أحمر ، فشكوا إلى فرعون.
فقال : إنّه سحركم وكان فرعون يجمع القبطيّ والإسرائيلي على الإناء الواحد ؛ فيكون ما يلي الإسرائيليّ ماء ، وما يلي القبطي دما ، ويقومان إلى البحيرة فيها الماء ، فيخرج للإسرائيلي ماء وللقبطيّ دما ، حتى كانت المرأة من آل فرعون تأتي المرأة من بني إسرائيل حين جهدهم العطش فتقول : اسقني من مائك فتصب لها من قربتها ؛ فيعود دما في الإناء ، حتّى كانت تقول اجعليه في فيك ثم مجّيه في فيّ فتأخذ في فيها ماء ، فإذا مجّته في فيها ؛ صار دما ، وإنّ فرعون اضطره العطش حتّى مضغ الأشجار الرّطبة فصار ماؤها في فيه ملحا أجاجا ، فمكثوا في ذلك سبعة أيام (١) ، فقالوا : يا موسى (لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ) [١٣٤]. إلى آخر الآية.
الطّوفان فيه قولان :
أحدهما : أنّه جمع : طوفانة ، أي : هو اسم جنس ك : قمح وقمحة ، وشعير وشعيرة.
وقيل : هو مصدر كالنّقصان والرّجحان ، وهذا قول المبرّد في آخرين والأوّل قول الأخفش.
وقال : هو «فعلان» من الطّواف ، لأنّه يطوف حتّى يعمّ الأرض ، وواحدته في القياس «طوفانة» ؛ وأنشد : [الرمل].
٢٥٦٠ ـ غيّر الجدّة من آياتها |
|
خرق الرّيح وطوفان المطر (٢) |
والطّوفان : الماء الكثير ، قاله اللّيث ؛ وأنشد للعجّاج : [الرجز]
٢٥٦١ ـ وعمّ طوفان الظّلام الأثأبا (٣)
شبّه ظلام اللّيل بالماء الذي يغشى الأمكنة.
وقال أبو النّجم : [الرجز]
٢٥٦٢ ـ ومدّ طوفان مبيد مددا |
|
شهرا شآبيب وشهرا بردا (٤) |
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٤ ـ ٣٨).
(٢) البيت لحسيل بن عرفطة : ينظر الوساطة (٤٤١) ، البحر ٤ / ٣٧٢١ ، التهذيب ١٤ / ٣٣ ، النوادر (٧٧) ، المنصف ٢ / ٢٢٨ ، معاني الأخفش ٢ / ٥٣١ ، اللسان : طوف ، الدر المصون ٣ / ٣٣٠.
(٣) ينظر : التاج واللسان (طوف) ، الدر المصون ٣ / ٣٣٠.
(٤) ينظر جامع البيان ١٣ / ٥٤ ، البحر ٤ / ٣٧٢ ، الدر المصون ٣ / ٣٣٠ النكت والعيون ٢ / ٤٩.