المتكبرين كل آية جائية ، أو حادثة. وقرأ (١) مالك بن دينار (وَإِنْ يَرَوْا) مبنيا للمفعول من أري المنقول بهمزة التعدية.
قوله : (سَبِيلَ الرُّشْدِ) قرأ حمزة (٢) والكسائي هنا وأبو عمرو في الكهف في قوله : «ممّا علّمت رشدا» خاصة دون الأولين فيها بفتحتين ، والباقون بضمة وسكون واختلف النّاس فيهما هل هما بمعنى واحد.
فقال الجمهور نعم لغتان في المصدر كالبخل والبخل ، والسّقم والسّقم ، والحزن والحزن.
وقال أبو عمرو بن العلاء : «الرّشد ـ بضمة وسكون ـ الصّلاح في النّظر ، وبفتحتين الدّين» ولذلك أجمع على قوله : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) [النساء : ٦] بالضمّ والسّكون ، وعلى قوله (فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) [الجن : ١٤] بفتحتين.
وروي عن ابن عامر (٣) «الرّشد» بضمتين وكأنّه من باب الإتباع ، كاليسر والعسر وقرأ السلمي (٤) الرّشاد بألف فيكون : الرّشد والرّشد والرّشاد كالسّقم والسّقم والسّقام.
وقرأ ابن أبي عبلة (٥) لا يتّخذوها ، ويتّخذوها بتأنيث الضّمير ، لأنّ السبيل يجوز تأنيها.
قال تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) [يوسف : ١٠٨]. والمراد بسبيل الرّشد سبيل الهدى والدين ، وسبيل الغيّ ضد ذلك. ثمّ بيّن العلة لذلك الصّرف ، وهو كونهم مكذّبين بآيات الله ، وكونهم عنها غافلين أي معرضين ، أي : أنّهم واظبوا على الإعراض حتى صاروا بمنزلة الغافلين عنها.
قوله : «ذلك» فيه وجهان : أظهرهما : أنّه مبتدأ ، خبره الجارّ بعده ، أي : ذلك الصرف بسبب تكذيبهم.
والثاني : أنّه في محلّ نصب ، ثم اختلف في ذلك.
فقال الزّمخشريّ : «صرفهم الله ذلك الصّرف بعينه». فجعله مصدرا.
وقال ابن عطيّة : فعلنا ذلك فجعله مفعولا به وعلى الوجهين فالباء في بأنّهم متعلقة بذلك المحذوف.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٨٨ ، والدر المصون ٣ / ٣٤٢.
(٢) ينظر : السبعة ٢٩٤ ، والحجة ٤ / ٧٨ ، وإعراب القراءات ٢ / ٢٠٥ ـ ٢٠٧ ، وحجة القراءات ٢٩٥ ، وإتحاف ٢ / ٦٢.
(٣) ينظر : القراءة السابقة.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٣٨٩ ، والدر المصون ٣ / ٣٤٢.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٥٤ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٨٩ ، والدر المصون ٣ / ٣٤٢.