سواء كانت قليلة ، أو كثيرة ، فهي مغفورة عند الإتيان بهذا الدّعاء.
وأما قوله هناك «وسنزيد» بالواو ، وههنا حذفها ففائدته أنه استئناف ، كأنّ قائلا قال : وماذا حصل بعد الغفران؟.
فقيل له : (سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ).
وأما قوله هناك «فأنزلنا» ، وههنا «فأرسلنا» فلأنّ الإنزال لا يشعر بالكثرة ، والإرسال يشعر بها ، فكأنّه تعالى بدأ بإنزال العذاب القليل ، ثمّ جعله كثيرا ، وهو نظير الفرق بين قوله (فَانْبَجَسَتْ) [الأعراف : ١٦٠] وقوله (فَانْفَجَرَتْ) [البقرة : ٦٠].
وأمّا قوله هناك (عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) ، وههنا «عليهم» فهو إيذان بأنّ هؤلاء المضمرون هم أولئك. وأمّا قوله ههنا «يظلمون» وهناك «يفسقون» فلأنهم موصوفون بأنهم كانوا ظالمين لأنّهم ظلموا أنفسهم ، وبكونهم فاسقين ، لأنّهم خرجوا عن طاعة الله.
قوله : (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ) قد تقدّم الخلاف في «نغفر» وأمّا «خطيئاتكم» فقرأها ابن عامر (١) «خطيئتكم» بالتّوحيد ، والرّفع على ما لم يسمّ فاعله ، والفرض أنه يقرأ «تغفر» بالتّاء من فوق. ونافع قرأ «خطيئاتكم» بجمع السّلامة ، رفعا على ما لم يسمّ فاعله ؛ لأنّه يقرأ «تغفر لكم» كقراءة ابن عامر.
وأبو عمرو قرأ «خطاياكم» جمع تكسير ، ويقرأ «نغفر» (٢) بنون العظمة. والباقون «نغفر» كأبي عمرو ، «خطيئاتكم» بجمع السّلامة منصوبا بالكسرة على القاعدة. وفي سورة نوح قرأ أبو عمرو «خطاياهم» بالتكسير أيضا ، والباقون بجمع التصحيح.
وقرأ ابن (٣) هرمز «تغفر» بتاء مضمومة مبنيا للمفعول ، كنافع ، «خطاياكم» كأبي عمرو ، وعنه «يغفر» بياء الغيبة ، وعنه «تغفر» بفتح التّاء من فوق ، على معنى أنّ «الحطّة» سبب للغفران ، فنسب الغفران إليها.
قوله تعالى : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣) وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٦٤) فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ
__________________
(١) ينظر : في هذه القراءة : السبعة ٢٩٦ ، والحجة ٤ / ٩٤ ـ ٩٥ ، وإعراب القراءات ١ / ٢١٠ ، وحجة القراءات ٢٩٨ ـ ٣٠٠ ، وإتحاف ٢ / ٦٥ ـ ٦٦.
(٢) ينظر : السابق.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٤٦٧ ، والدر المصون ٣ / ٣٥٩.