روي : أنّ الزّبير كان يسامر النبيّ صلىاللهعليهوسلم يوما إذ أقبل عليّ ـ رضي الله عنه ـ فضحك الزبير ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كيف حبك لعليّ؟
فقال : يا رسول الله أحبّه كحبّي لولدي أو أشد.
فقال : كيف أنت إذا سرت تقاتله؟ وقال ابن عباس : «أمر الله المؤمنين ألّا يقرّوا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بعذاب يصيب الظّالم وغير الظّالم» وقال عليه الصّلاة والسّلام : «إنّ الله لا يعذب العامّة بعمل الخاصّة حتّى يروا المنكر بين ظهرانيهم ، وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه فإذا فعلوا ذلك عذّب الله العامّة والخاصّة» (١).
وقال ابن زيد : «أراد بالفتنة افتراق الكلمة ، ومخالفة بعضهم بعضا» (٢).
روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تكون فتن القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من السّاعي ، من تشرّف لها تستشرفه فمن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به» (٣).
ثم قال : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) ، والمراد منه الحث على لزوم الاستقامة.
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ) الآية.
في «إذ» ثلاثة أوجه ، أوضحها : أنّه ظرف ناصبه محذوف ، تقديره : واذكروا حالكم الثّابتة في وقت قلّتكم ، قاله ابن عطيّة.
والثاني : أنّه مفعول به.
قال الزمخشريّ : «نصب على أنّه مفعول به مذكور لا ظرف ، أي : اذكروا وقت كونكم أقلة أذلة» وفيه نظر ؛ لأنّ «إذ» لا يتصرّف فيها إلّا بما تقدّم ذكره ، وليس هذا منه.
الثالث : أن يكون ظرفا ل «اذكروا» قاله الحوفيّ ، وهو فاسد ؛ لأنّ العامل مستقبل ، والظّرف ماض فكيف يتلاقيان.
__________________
(١) أخرجه أحمد (٤ / ١٩٢) والطبراني في «الكبير» (١٧ / ١٣٨ ـ ١٣٩) وابن المبارك في «الزهد» ص (٤٧٦) والبغوي في «تفسيره» (٢ / ٢٤١) من طريق عدي بن عدي الكندي ثني مولى لنا أنه سمع جدي ... فذكره وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٧ / ٢٧٠) وقال : أخرجه أحمد من طريقين إحداهما هذه ـ عدي بن عدي عن مجاهد عن مولى لنا عن جدي ـ والأخرى عن عدي بن عدي عن مولى لنا عن جدي وهو الصواب وكذلك رواه الطبراني وفيه رجل لم يسم وبقية رجال أحد الإسنادين ثقات.
وللحديث شاهد من حديث العرس بن عميرة.
ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٧ / ٢٧١) وقال : رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(٢) ذكره البغوي في «معالم التنزيل» (٢ / ٢٤١).
(٣) أخرجه البخاري (٦ / ٧٠٨) كتاب المناقب : باب علامات النبوة في الإسلام حديث (٣٦٠٤) ومسلم (٤ / ٢٢١١ ـ ٢٢١٢) كتاب الفتن : باب نزول الفتن كمواقع القطر (١٠ / ٢٨٨٦) وأحمد (٢ / ٢٨٢) والبغوي في «شرح السنة» (٧ / ٤١٧) من حديث أبي هريرة.