حال كونكم مرهبين ، وأن يكون حالا من مفعوله ، وهو الموصول ، أي : أعدّوه مرهبا به.
وجاز نسبته لكلّ منهما ؛ لأنّ في الجملة ضميريها ، هذا إذا أعدنا الضمير من «به» على «ما» الموصولة ، أمّا إذا أعدناه على الإعداد المدلول عليه ب : «أعدّوا» ، أو على «الرّباط» ، أو على : «القوّة» بتأويل الحول ؛ فلا يتأتّى مجيئها من الموصول ، ويجوز أن يكون حالا من ضمير «لهم» ، كذا نقله أبو حيّان عن غيره ، فقال : «ترهبون» قالوا : حال من ضمير «أعدّوا» ، أو من ضمير «لهم» ، ولم يتعقّبه بنكير ، وكيف يصحّ جعله حالا من الضمير في «لهم» ولا رابط بينهما؟ ولا يصحّ تقدير ضمير في جملة «ترهبون» لأخذه معموله. وقرأ الحسن (١) ويعقوب ، ورواها ابن عقيل عن أبي عمرو : «ترهبون» مضعّفا عدّاه بالتضعيف ، كما عدّاه العامّة بالهمزة ، والمفعول الثّاني على كلتا القراءتين محذوف ؛ لأنّ الفعل قبل النّقل بالهمزة ، أو بالتّضعيف متعدّ لواحد ، نحو : «رهّبتك» والتقدير : ترهّبون عدوّ الله قتالكم ، أو لقاءكم.
وزعم أبو حاتم أنّ أبا عمرو نقل قراءة الحسن (٢) بياء الغيبة وتخفيف «يرهبون» ، وهي قراءة واضحة ، فإنّ الضمير حينئذ يرجع إلى من يرجع إليهم ضمير «لهم» ، فإنّهم إذا خافوا خوّفوا من وراءهم.
قوله (عَدُوَّ اللهِ) العامّة قرءوا بالإضافة ، وقرأ السلميّ (٣) منونا ، و «لله» بلام الجرّ ، وهو مفرد ، والمراد به الجنس ، فمعناه : أعداء لله.
قال صاحب اللّوامح «وإنما جعله نكرة بمعنى العامّة ؛ لأنّها نكرة أيضا لم تتعرّف بالإضافة إلى المعرفة ؛ لأنّ اسم الفاعل بمعنى الحال ، أو الاستقبال ، ولا يتعرّف ذلك وإن أضيف إلى المعارف ، وأمّا (وَعَدُوَّكُمْ) فيجوز أن يكون كذلك نكرة ، ويجوز أن يتعرّف لأنه قد أعيد ذكره ، ومثله : رأيت صاحبا لكم ، فقال لي صاحبكم» يعني : أن «عدوّا» يجوز أن يلمح فيه الوصف فلا يتعرّف ، وألّا يلمح فيتعرف.
قوله «وآخرين» نسق على (عَدُوَّ اللهِ) ، و (مِنْ دُونِهِمْ) صفة ل «آخرين».
قال ابن عطيّة : (مِنْ دُونِهِمْ) بمنزلة قولك : دون أن تكون هؤلاء ، ف «دون» في كلام العرب ، و (مِنْ دُونِ) تقتضي عدم المذكور بعدها من النّازلة التي فيها القول ؛ ومنه المثل: [الكامل]
__________________
(١) وقرأ بها أيضا رويس.
ينظر : إتحاف ٢ / ٨٢ ، الكشاف ٢ / ٢٣٢ ، المحرر الوجيز ٢ / ٥٤٦ ، البحر المحيط ٤ / ٥٠٨ ، الدر المصون ٣ / ٤٣١.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٥٤٦ ، البحر المحيط ٤ / ٥٠٨ ، الدر المصون ٣ / ٤٣٢.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٥٤٦ ، البحر المحيط ٤ / ٥٠٨ ، الدر المصون ٣ / ٤٣٢.