فهذه تدلّ على التّلبّس بأوّل الفعل ، وحكمها حكم أفعال المقاربة من كون خبرها لا يكون إلّا مضارعا ، ولا يجوز أن يقترن ب «أن» لمنافاتها لها ؛ لأنها للشّروع وهو حال و «أن» للاستقبال ، وقد يقع الخبر جملة اسمية كقوله : [الوافر]
٢٤٣٩ ـ وقد جعلت قلوص بني سهيل |
|
من الأكوار مرتعها قريب (١) |
وشرطيّة ك «إذا» كقول عمر : «فجعل الرّجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا».
ويقال طفق بفتح الفاء وكسرها ، وطبق بالباء الموحدة أيضا ، والألف اسمها ، و «يخصفان» خبرها.
وقرأ أبو السمال : «وطفقا» بفتح الفاء. وقرأ الزّهريّ (٢) : «يخصفان» بضم حرف المضارعة من أخصف وهي تحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون أفعل بمعنى فعل.
والثاني : أن تكون الهمزة للتّعدية ، والمفعول على هذا محذوف ، أي : يخصفان أنفسهما ، أي : يجعلان أنفسهما خاصفين.
وقرأ الحسن ، والأعرج (٣) ومجاهد وابن وثّاب «يخصّفان» بفتح الياء وكسر الخاء ، والصّاد مشدودة ، والأصل يختصفان ، فأدغمت التّاء في الصّاد ، ثم أتبعت الخاء للصّاد في حركتها ، وسيأتي نظير هذه القراءة في «يونس» و «يس» نحو (يَهْدِي) [يونس : ٣٥] و (يَخِصِّمُونَ) [يس : ٤٩].
وروى محبوب عن الحسن كذلك إلّا أنّه فتح الخاء ، فلم يتبعها للصّاد وهي قراءة (٤) يعقوب وابن بريدة.
وقرأ (٥) عبد الله «يخصّفان» بضمّ الياء والخاء وكسر الصّاد مشدودة وهي من «خصّف» بالتّشديد ، إلّا أنّه أتبع الخاء للياء قبلها في الحركة ، وهي قراءة عسرة النّطق.
ويدلّ على أنّ أصلها من خصّف بالتّشديد قراءة بعضهم «يخصّفان» كذلك ، إلّا أنّه بفتح الخاء على أصلها.
__________________
(١) البيت لرجل من بني بحتر ينظر : تخليص الشواهد ٣٢٠ خزانة الأدب ٥ / ١٢٠ ، ٩ / ٣٥٢ ، شرح الأشموني ١ / ١٢٨ ، شرح التصريح ١ / ٢٠٤ ، الدرر ٢ / ١٥٢ ، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٣١٠ ، شرح شواهد المغني ٦٠٦ ، مغني اللبيب ٢٣٥ همع الهوامع ١ / ١٣٠ ، المقاصد النحوية ٢ / ١٧٠ ، الدر المصون ٣ / ٢٥٠.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٨١ ، والدر المصون ٣ / ٢٥١.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٨٦ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٨١ ، والدر المصون ٣ / ٢٥١.
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ١٩ ، وستأتي في «يس آية ٤٩».
(٥) يعني ب «عبد الله» هو ابن يزيد كما في البحر ٤ / ٢٨١ ، وينظر : الدر المصون ٣ / ٢٥١.