الأنباريّ ، ونصّ عليه أبو عليّ في «الحجّة» ، أيضا وذكره الواحديّ.
وقال ابن عطيّة : «هو أنبل الأقوال».
وذكر مكيّ (١) الاحتمالات الثلاثة : أعني كونه بدلا ، أو بيانا ، أو نعتا ، ولكن ما بحثه الحوفيّ صحيح من حيث الصّناعة ، ومن حيث إنّ الصّحيح في ترتيب المعارف ما ذكر من كون الإشارات أعرف من ذي الأداة ؛ ولكن قد يقال : القائل بكونه نعتا لا يجعله أعرف من ذي الألف واللام.
الخامس : جوّز أبو البقاء (٢) أن يكون «لباس» مبتدأ ، وخبره محذوف أي : ولباس التّقوى ساتر عوراتكم وهذا تقدير لا حاجة إليه.
وإسناد الإنزال إلى اللّباس : إمّا لأنّ «أنزل» بمعنى «خلق» كقوله : (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) [الحديد : ٢٥] (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [الزمر : ٦] ، وإمّا على ما يسمّيه أهل العلم التدريج ، وذلك أنّه ينزّل أسبابه ، وهي الماء الذي هو سبب في نبات القطن والكتّان ، والمرعى الذي تأكله البهائم ذوات الصّوف والشّعر ، والوبر التي يتّخذ منها الملابس ؛ ونحوه قول الشاعر : [الرجز]
٢٤٤٦ ـ أقبل في المستنّ من سحابه |
|
أسنمة الآبال في ربابه (٣) |
فجعله جائيا للأسنمة التي للإبل مجازا لمّا كان سببا في تربيتها ، وقريب منه قول الآخر : [الوافر]
٢٤٤٧ ـ إذا نزل السّماء بأرض قوم |
|
رعيناه وإن كانوا غضابا (٤) |
وقال الزّمخشريّ (٥) : جعل ما في الأرض منزّلا من السماء ؛ لأنّه قضي ثمّ وكتب ، ومنه (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [الزمر : ٦].
وقال ابن عطيّة (٦) : «وأيضا فخلق الله وأفعاله ، إنّما هي من علو في القدر والمنزلة» ، وقد تقدّم الكلام عليه أول الآية.
وفي قراءة عبد (٧) الله وأبيّ «ولباس التّقوى خير» بإسقاط «ذلك» وهي مقوّية للقول بالفصل والبدل وعطف البيان.
وقرأ النّحويّ (٨) : «ولبوس» بالواو ورفع السّين. فأمّا الرّفع فعلى ما تقدّم في
__________________
(١) ينظر : المشكل ١ / ٣٠٩.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢٧١.
(٣) البيت ينظر : الكامل ٣ / ٩١ ، مشاهد الإنصاف ٣ / ٤٣٣ ، الدر المصون ٣ / ٢٥٤.
(٤) البيت لمعاوية بن مالك ينظر اللسان (سمو).
(٥) ينظر : الكشاف ٢ / ٩٧.
(٦) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٨٨.
(٧) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٨٩ ، والبحر المحيط ٤ / ٢٨٣ ، والدر المصون ٣ / ٢٥٤.
(٨) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٨٩ ، والدر المصون ٣ / ٢٥٤.