ل «زينة» ، و «الطيّبات» عطف على «زينة» وقوله (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ) جملة أخرى قد فصلت على هذا التقدير بشيئين.
قال الفارسيّ (١) ـ كالمجيب عن الأخفش ـ : «ويجوز ذلك ، وإن فصل بين الصلة والموصول بقوله : (هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) لأنّ ذلك كلام يشدّ الصّلة ، وليس بأجنبي منها جدا كما جاء ذلك في قوله : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) [يونس : ٢٧].
فقوله : (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) معطوف على «كسبوا» داخل في الصلة.
قال شهاب الدّين (٢) : هذا وإن أفاد في ما ذكر ، فلا يفيد في الاعتراض الأوّل ، وهو العطف على موصوف قبل تمام صلته ؛ إذ هو أجنبي منه ، وأيضا فلا نسلّم أنّ هذه الآية نظير آية «يونس» ، فإنّ الظاهر في آية يونس أنّه ليس فيها فصل بين أبعاض الصّلة.
وقوله «لأن (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) معترض ، و «ترهقهم» عطف على «كسبوا».
قلنا : ممنوع ، بل (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) هو خبر الموصول ، فيعترض بعدم الرّابط بين المبتدأ والخبر ، فيجاب بأنّه محذوف ، وهو من أحسن الحذوف ؛ لأنّه مجرور ب «من» التّبعيضية ، وقد نصّ النّحاة على أنّ ما كان كذلك كثر حذفه وحسن التقدير : والّذين كسبوا السيّئات جزاء سيّئة منهم بمثلها ف (جَزاءُ سَيِّئَةٍ) مبتدأ ، و «منهم» صفتها ، و «بمثلها» خبره ، والجملة خبر الموصول ، وهو نظير قولهم : السّمن منوان بدرهم أي : منوان منه ، وسيأتي لهذه الآية مزيد بيان.
ومنع مكي (٣) أن يتعلق (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ب «زينة» قال : لأنّها قد نعتت ، والمصدر واسم الفاعل متى نعتا لا يعملان لبعدهما عن شبه الفعل.
قال : «ولأنّه يفرّق بين الصّلة والموصول ؛ لأنّ نعت الموصول ليس من صلته».
قال شهاب الدّين (٤) : لأنّ زينة مصدر فهي في قوة حرف موصول وصلته ، وقد تقرّر
أنّه لا يتبع الموصول إلا بعد تمام صلته ، فقد تحصل في تعلق «لِلَّذِينَ آمَنُوا» ثلاثة أوجه :
إمّا أن يتعلّق ب «خالصة» ، أو بمحذوف على أنها خبر ، أو بمحذوف على أنّها للبيان وفي تعلق (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) سبعة أوجه :
أحدها : أن يتعلّق ب «آمنوا».
الثاني : أن تتعلّق بمحذوف على أنّها حال.
الثالث : أن يتعلق بما تعلّق به (لِلَّذِينَ آمَنُوا).
__________________
(١) ينظر : الحجة ٤ / ١٤.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٦١.
(٣) ينظر : المشكل ١ / ٣١٣.
(٤) ينظر : الدر المصون ٣ / ٢٦١.