النار في المثال ، فهذا غير معقول ، وان اراد أن التكليف متعلق بما هو شأن المكلف فهو راجع الى الامر بايجاد الواسطة.
توضيح المقام على وجه يرفع الابهام عن وجه المرام : ان الاعراض باعتبار النسبة الى محالها تختلف ، تارة تكون نسبتها اليها بمجرد كونها حالّة بها من دون ان تكون صادرة عن محالها ، كالموت والحياة والسواد والبياض ، واخرى تكون نسبتها اليها من جهة انها صادرة عنها ، كالضرب والقيام ، أما ما كان من قبيل الاول فلا اشكال في عدم قابلية تعلق الطلب به ، ضرورة ان الطلب يقتضى صدور الفعل عن الفاعل ، وما ليس من مقولة الحركة والفعل لا يمكن تعلق الطلب به ، لان ارادة الآمر مثل ارادة الفاعل في كونها موجبة لتحريك العضلات ، غاية الامر أن الاولى موجبة لتحريك عضلات المأمور ، والثانية موجبة لتحريك عضلات المريد ، وظاهر ان ما ليس من قبيل الحركة لا يمكن تعلق ارادة الفاعل به فكذلك ارادة الآمر ، فلو تعلق الطلب بحسب الصورة بمثل ما ذكر يجب ارجاعه الى ما يرجع الى فعل المأمور.
والحاصل ان متعلق الطلب لا بد وان يكون معنى مصدريا صادرا عن المخاطب بالخطاب ، فلو لم يكن كذلك بان لم يكن من معنى المصدر ، او كان ولم يكن صادرا من المأمور لم يمكن تعلق الامر به : أما الاول فلما عرفت ، وأما الثاني فلما مضى من ان الارادة ما يوجب تحريك عضلات الفاعل الى الفعل ولا يمكن تحريكها الا الى فعل نفسه.
فتحصل مما ذكرنا أن الطلب اذا تعلق صورة بما ليس من الفعل الصادر من الفاعل يجب توجيهه بما يرجع الى ذلك ، ومن هنا يقوى التفصيل بين ما اذا تعلق التكليف بما ليس بينه وبين المكلف الا آلة توصل قوة الفاعل الى القابل ، وما اذا تعلق بالافعال التي ليست فعلا له بل هي افعال الواسطة ، ففي الاول التكليف متعلق بنفس ذلك الفعل ، وفي الثاني يجب ارجاعه الى السبب ، فليتامل جيدا.