ثم ان وجه التوقف يمكن ان يكون احد امور ثلاثة : الاول ان يقال بان ترك الضد ابتداء مقدمة لفعل الضد. والثاني ان يكون مقدمية الترك من باب مانعية الفعل. والثالث ان يكون من جهة عدم قابلية المحل ، فان المحل لما لم يكن قابلا لان يرد عليه كلاهما فصار وجود كل منهما متوقفا على خلو المحل عن الآخر.
وكيف كان فلنشرع فيما هو المقصود ، وقبل ذكر ادلة الطرفين لا بد وان يعلم حكم حال الشك لنرجع اليه اذا عجزنا من القطع باحد الطرفين.
فنقول : لو شك في كون ترك الضد مقدمة بعد علمه بوجوب مقدمة الواجب وعلمه بوجوب فعل الضد الآخر فهل الاصل يقتضى الحكم بصحة العمل ان كان من العبادات او الفساد؟
قد يقال بالاول ، لان فعلية الخطاب مرتفعة بواسطة الشك ، خصوصا في الشبهة الموضوعية التي قد اطبقت على اجراء البراءة فيها كلمة العلماء «رضوان الله عليهم» من الاصوليين والاخباريين ، واذا لم يكن الوجوب فعليا لا مانع من صحة العمل ، لان المانع قد تحقق في محله انه الوجوب الفعلى ، ولذا افتى العلماء بصحة الصلاة في الارض المغصوبة في صورة نسيان الغصبية ، ولو انكشف الخلاف بعد ذلك لم يجب عليه الاعادة والقضاء ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، واوضح من ذلك صورة القطع بعدم المقدمية وانكشاف خطاء قطعه بعد ذلك ، فان الحكم بفساد صلاته موجب لفعلية الخطاب حين القطع بعدمه.
والحق ان الشك في المقام ليس موردا لأصالة البراءة لا عقلا ولا شرعا :
اما الاول : فلان مقتضاها هو الأمن من العقاب على مخالفة التكليف الواقعي على تقدير ثبوته ، ولا يمكن جريانها هنا ، لان العقاب لا يترتب على مخالفة التكليف المقدمى ، ولا يمكن الحكم بسقوط العقاب عن التكليف النفسي اذا استند تركه الى هذه المقدمة المشكوك مقدميتها ، لان التكليف النفسي معلوم ، ويعلم ان الاتيان به ملازم لهذا الترك الذي يحتمل كونه مقدمة ، إنما الشك في ان هذا الترك الذي قد علم كونه ملازما لفعل الواجب المعلوم