المقصد الثالث
[في الضد]
هل الامر بالشيء يقتضى النهى عن ضده الخاص اولا؟
اقول : لما كانت المسألة مبتنية على مقدمية ترك الضد لفعل ضده (١) فاللازم التكلم فيها فنقول : هل ترك الضد مقدمة لفعل ضده ، او فعله مقدمة لترك ضده ، او كل منهما مقدمة للآخر ، او لا توقف في البين؟
والمعروف من تلك الاحتمالات هو الاول (*٤٠) والاخير فلا نتعرض لغيرهما ، وستطلع على بطلانه في اثناء البحث ، والقائل بتوقف فعل الضد على ترك ضده الآخر إمّا ان يقول مطلقا كما عليه جل ارباب هذا القول ، او يفصل بين الرفع والدفع ، بمعنى انه لو كان الضد موجودا واراد ايجاد الآخر يتوقف ايجاده على رفع ضده ، وان لم يكن موجودا واراد ايجاد ضده لم يكن موقوفا على ترك الضد.
__________________
(١) يمكن ان يقال بمنع الابتناء ، بمعنى انا وان انكرنا المقدمية يمكن ان نقول باقتضاء الامر بالشيء للنهى عن الضد الخاص ، بتقريب انا اذا راجعنا وجداننا نجد من انفسنا انه اذا اردنا فعلا نترك اضداده بارادة منا واختيار ، بحيث يصح المؤاخذة على ذلك الترك ، ولو لم يكن مسبوقا بالارادة والاختيار لما صح ، وبالجملة نجد الملازمة بين ارادة الشيء وارادة ترك اضداده الخاصة ، كما نجد الملازمة بين ارادة الشيء وارادة مقدماته ، ألا ترى انك لو اردت الخلوة مع احد وكان عندك شخص آخر فانك تتوسل الى قيامه من المجلس باى وسيلة امكنت ، وعلى هذا فنقول : ان كان حال ارادة الآمر حال ارادة الفاعل بعينها لزم القول بهذه الملازمة في الاولى ايضا ، ولكن قد عرفت منع المقايسة المذكورة «منه».