وكذا الحال فيما اذا جعل بالاعتبار الثالث.
وإن جعل شيء مانعا بالاعتبار الثالث ، أعنى اعتبار مجموع الوجود ، فيرجع الى اشتراط ترك واحد من افراد ما جعل مانعا ، ولا اشكال في وجوب احراز ذلك الترك ، لان اصل الاشتراط معلوم فاللازم العلم بوجود الشرط ، وهذا ايضا واضح.
وان جعل مانعا باحد الاعتبارين الاولين ، اعنى اعتبار صرف الوجود او الوجود السارى ، فلو شك في كون شيء مصداقا للمفهوم الذي جعل مانعا فهل الاصل يقتضى الاحتياط والاجتناب عن ذلك الشيء المشكوك كونه فردا او البراءة ، مثال ذلك : اذا علمنا ان الشارع جعل لبس الجلد او الصوف او الوبر لغير ما يؤكل لحمه من الحيوان مانعا للصلاة ، وشككنا في ان اللباس المخصوص هل هو مأخوذ من ما يؤكل لحمه او من غيره ، المشهور ـ كما قيل ـ على الاحتياط ، وذهب بعض الاساطين الى البراءة وعدم وجوب الاحتياط منهم سيد مشايخنا الميرزا الشيرازي في اواخر عمره ، وهذا هو الاقوى.
وتوضيح المقام على نحو يكشف الستر عن وجه المرام ان جعل اجزاء ما لا يؤكل لحمه مانعا في الصلاة بعد القطع بعدم كون المانع هو مجموع وجودات تلك الطبيعة لا يخلو من امرين :
إمّا جعله على نحو السريان ، فالمجعول مانعا على هذا كل فرد من افراد تلك الطبيعة ، والمفروض ان لتلك الطبيعة افرادا معلومة قد علم تقييد الصلاة بعدم كل واحد منها ، فمرجع الشك هنا الى ان المأمور به هل قيّد بعدم هذا الفرد زائدا على ما علم اعتباره فيه اولا؟ وبعبارة اخرى : مرجع هذه الشبهة الى الشبهة في اشتراط امر آخر سوى الامور المعلومة ، غاية الامر أن هذه الشبهة نشأت من امور خارجية.
وحينئذ نقول : ان لهذه الشبهة جهتين : إحداهما انها من مصاديق الشبهة في الاقل والاكثر. والثانية انها من مصاديق الشبهة الموضوعية.