[في استصحاب الكلي]
الامر الثالث : ان المتيقن السابق قد يكون جزئيا ، وقد يكون كليا ، والشك في بقاء الكلى : تارة من جهة الشك في بقاء الفرد الذي علم تحققه فيه ، وأخرى من جهة الشك في تعيين الفرد المتحقق فيه ذلك الكلى وتردده بين ما هو باق جزما وبين ما هو مرتفع ، وثالثة من جهة الشك في وجود فرد آخر مع الفرد المتيقن اوّلا او مقارنا لارتفاعه ، بحيث يحتمل عدم ارتفاع الكلى.
فان كان الشك في بقاء الكلى من جهة الشك في بقاء الفرد المعين كالمثال الاول فلا اشكال في جواز استصحاب الكلى ان كان ذا اثر شرعى ، ولا يغنى عن استصحاب الفرد ، وان كان بقاؤه مستلزما لبقاء ذلك الفرد ، فلو كان الفرد ذا اثر شرعى يجرى فيه الاستصحاب مستقلا وهل يغنى استصحابه عن استصحاب الكلى بحيث يترتب على الاستصحاب الجارى في الفرد اثر الفرد والكلى ام لا؟ وجهان ، من حيث ان الفرد عين الكلى في الخارج (١) والاثر المترتب على الكلى سار في الفرد ، من جهة الاتحاد والعينية ، فالفرد مجمع لاثرين : احدهما من جهة الكلى ، والثاني من جهة نفسه ، ومن حيث تغايره مع الكلى عند التعقل ، ولكل منهما أثر يمكن سلبه عن الآخر ، وان كانا متحدين في الخارج ، مثلا ، لو فرض ان وجود الانسان في الدار يكون موضوعا لوجوب الصلاة ركعتين ، ووجود زيد يكون موضوعا لوجوب التصدق بدرهم ، يصح ان
__________________
(١) الحق ان يقال بالفرق بين ما اذا كان الكلي الموضوع للاثر مأخوذا باعتبار صرف الوجود المقابل للعدم المطلق ، وما اذا كان مأخوذا باعتبار الوجود الساري ، فيقال في الاول بعدم الكفاية ، نظرا الى صحة سلب الاثر عن الفرد في هذا القسم ، لما بين الكلي بهذا الاعتبار وفرده من البينونة ، كما حقق في مبحث اجتماع الامر والنهي ، وهذا بخلاف الحال فيما لو اعتبر بالنحو الثاني ، اذ يسرى الاثر حينئذ منه الى فرده ، فيكون الفرد ايضا موضوعا لذلك الاثر. (م. ع. مدّ ظلّه).