[ضابط الحكومة]
ولنقدم الكلام في بيان ضابط الحكومة بما عندنا ، ثم نتعرض لوجه تقديم الامارات والادلة على الاستصحاب وعلى ساير الاصول التعبدية ، وانه هل هو من جهة الحكومة او الورود؟ وما توفيقى الا بالله.
اعلم أن المراد من قولنا : دليل كذا حاكم على كذا ، انه يقدم عليه من دون ملاحظة الاخصية والاظهرية ، بل يقدم بواسطة أدنى ظهور انعقد له.
اذا عرفت هذا فنقول : ان كل دليل يكون متعرضا للحكم المستفاد من الدليل الآخر وان لم يكن متعرضا له بعنوان انه مدلول ذلك الدليل ، سواء كان تعرضه لذلك الحكم ابتداء ام كان بلسان تنزيل الموضوع فهو مقدم عليه عند العرف ، وان لم يكن اخص ، بل كانت النسبة بينهما عموما من وجه ، كما اذا قال المتكلم : اكرم العلماء ، ثم قال في مجلس آخر : ما حكمت ، اولا أحكم باكرام الفاسق قطّ ، فانا نرى ان اهل العرف يجعلون الكلام الثاني قرينة على الاول ، ويحكمون ان المراد من العلماء ، العدول منهم مع كون النسبة بين الكلامين عموما من وجه ، وان لم يكن الثاني بمدلوله اللفظي شارحا للكلام الاول ، ولذا لو لم يكن الاول ايضا لكان الثاني تاما في مفاده ، ولعل السر في ذلك أن مدلول قول المتكلم : اكرم العلماء ليس إلّا جعل ايجاب متعلق باكرام العلماء (١) واما ان وجوب اكرام كل فرد منهم مراد للمتكلم فهو مفهوم آخر غير
__________________
(١) وبتقريب آخر الدليل الحاكم اما مساوق مع الاصل العقلائي في المحكوم ، وهو فيما اذا كان مفاد احد الدليلين اثبات حكم لموضوع مثلا ومفاد الآخر الحكم بنفي ذلك الحكم الاول من بعض افراد الموضوع ، او مع الحكم العقلي الجاري في المحكوم ، وهو ما اذا كان الحاكم نافيا للازم العقلي للحكم في بعض الافراد ، مثلا دليل جزئية السورة مثبت للجزئية في حالتي العمد والسهو ، ودليل لا تعاد اما حاكم بنفي الحكم بالجزئية عنها في حال السهو ، لكن بنحو التعبير عن هذا المعنى بلازمه ، وهو عدم لزوم الاعادة بناء على غير مبنى الشيخ ـ