ومما ذكرنا يظهر ان الحكم بصحة العبادة المتحدة مع الحركات الخروجية لا يحتاج الى إحراز ان في تلك العبادة مصلحة راجحة على مفسدة الغصب ، وأنها اهم عند الشارع من ترك الغصب ، لان ملاحظة الاهم وتقديمه على غيره انما يكون فيما اذا كان كل منهما تحت اختيار العبد ، فيجب عليه اختيار الاهم وترك غيره ، وأما اذا لم يكن المكلف مختارا على ترك الغصب اصلا فلا يكون مجرد المفسدة الخالية عن الاثر مانعا للامر بعنوان آخر متحد مع فعل الغصب ، وان كان ترك الغصب اهم من فعل ذلك بمراتب ، فلا تغفل.
[العبادات المكروهة]
الامر الثاني : ومما استدل به المجوزون انه لو لم يجز لما وقع نظيره ، وقد وقع ،
__________________
ينفع شيئا بعد فرض قيامها بالاختيار السوء المؤثر في بعد العبد عن ساحة المولى ، ولا يمكن ان يصير العبد باختيار واحد مبعدا ومقربا.
والحاصل : أن الفرق بين الحالين عدم سقوط ملاك النهى عن التأثير فيه في احداهما وسقوطه في الاخرى بواسطة لابدية وقوع المتعلق ، ومجرد المبغوضية الساقطة عن الاثر لا تضاد الامر ، وإلّا لما اجتمعت مع الامر في المثال المذكور في المتن ايضا.
ان قلت : غائلة التضاد بين الامر والنهى لا ترتفع بمجرد كون النهى قبل الدخول والامر بعده ، لوحدة الموضوع وبقاء ملاك النهى ، وانما المجدي لرفع التضاد اختلاف زمان الموضوع ولو مع وحدة زمان الحكمين.
قلت : ان اريد امتناع تعلق الامر بذات الخروج من حيث هو مع قطع النظر عن جهة اخرى طارية فهو حق لا محيص عنه ، وان اريد امتناعه ولو بملاحظة الجهة الطارية ففيه منع واضح ، لان المبغوضية الساقطة عن الاثر لا تمنع عن الامر اذا وجد له جهة طارية.
ثم انا قد حققنا عدم مقدميّة فعل احد الضدين لترك الآخر ، وعليه فلا وجه لتوهم المقدمية في المقام ، ولو فرض الغض عن ذلك وسلمنا المقدمية فلا اشكال في ان الخروج ليس مقدمة مطلقة لترك الغصب الزائد ، وإلّا لزم تحصيله ولو بتحصيل مقدمته ، بل المقدّمية طارية عليه بعد الدخول ، وحينئذ فلا مانع من الامر المقدمى لكون هذه الجهة ايضا من الجهات الطارية «منه».