صيرورته زبيبا ام لا؟
لا اشكال في صحة هذا الاستصحاب ، لعدم الفرق في شمول ادلة الباب بين ما يكون الحكم المتيقن في السابق مطلقا او مشروطا ، ولا يتوهم ان الحكم المشروط قبل تحقق شرطه ليس بشيء ، اذ قد تقرر في محله تحققه ووجوده قبل وجود شرطه ، وكما ان وظيفة الشارع جعل الشيء حراما مطلقا مثلا كذلك وظيفته جعله حراما على تقدير كذا ، فاذا شك في بقاء الحرمة المعلقة في الآن الثاني يصح ان يجعل حرمة ظاهرية معلقة على ذلك الشرط ، واذا صح ذلك فشمول ادلة الاستصحاب مما لا ينبغى ان ينكر ، وهذا واضح.
وإنما الاشكال في تعارضه مع استصحاب الحكم الفعلي ، مثلا الزبيب اذا غلى فهناك حالتان في السابق يصح استصحاب كل منهما ، احداهما الحرمة على تقدير الغليان والثانية الاباحة الفعلية الثابتة قبل الغليان ، فهل يكون لاحدهما تقدم على الآخر ام لا؟ قال شيخنا المرتضى «قدسسره» ان استصحاب الحكم التعليقي مقدم لحكومته على استصحاب الحكم الفعلى (١).
اقول : عندي فيما افاده «قدسسره» نظر فان الشك في بقاء الاباحة الفعلية وان كان مسببا عن الشك في جعل الحرمة التعليقية ، إلا ان ترتب عدم الاباحة من جهة ان العقل يحكم بثبوت الحرمة الفعلية عند تحقق الشرط وهي تضاد الاباحة ، وهذا الحكم العقلى وان كان من لوازم الحكم التعليقي سواء كان ظاهريا ام واقعيا ـ نظير الحكم بلزوم الامتثال ـ لكنه يصحح الاخذ بهذا اللازم ، وانه ليس قولا بالاصل المثبت ، ولا يصحح الحكومة ، لما عرفت من ان عدم الاباحة حينئذ من جهة عدم امكان الجمع بينهما ، وكما يترتب على الاستصحاب التعليقى عدم الاباحة بحكم العقل كذلك يترتب على استصحاب الحكم الفعلى عدم الحكم التعليقى بحكم العقل ، اذ لا يجتمع الاباحة ولو ظاهرا مع ما يكون
__________________
(١) الفرائد ، التنبيه الرابع ، ص ٣٨٠.