الاختلاف في كيفية الاستعمال : بأن الواضع ـ بعد ما وضع لفظ الابتداء ولفظ «من» لمعنى واحد وهو حقيقة الابتداء ـ جعل على المستعملين ان لا يستعملوا لفظ الابتداء إلا على نحو إرادة المعنى مستقلا ، ولفظ «من» إلا على نحو إرادة المعنى تبعا ، هذا وقد أطلنا الكلام لكون المقام من مزالّ الاقدام.
[في استعمال اللفظ في ما يناسبه]
ومنها : أنه لا إشكال في أنه قد يحسن استعمال اللفظ في غير معناه الموضوع له ، إمّا لمناسبة بين المعنيين ، وإمّا لمناسبة بين اللفظ والمستعمل فيه ، كاستعمال اللفظ في اللفظ ، فإنه يصحّ وإن لم يكن له معنى وضع له ، كاستعمال لفظ ديز في نوعه.
ومن هنا يظهر أن استعمال اللفظ في غير معناه لا يحتاج الى ترخيص الواضع ، بل هو بالطبع ، اذ لو لا ذلك لم يصحّ استعمال اللفظ المهمل في اللفظ ، إذ لا وضع له بالفرض.
ثم إن استعمال اللفظ في اللفظ على انحاء : تارة يستعمل في نوعه ، واخرى في صنفه ، وثالثة في شخص مثله ، ومثال كل منها واضح ، وهل يصحّ استعماله في شخصه أم لا؟ قيل : لا ، لاستلزامه اتحاد الدال والمدلول أو تركب القضية من جزءين : بيان ذلك أنه إن اعتبرت دلالته على نفسه حينئذ لزم الاتحاد ، وإلّا لزم تركّب القضية من جزءين ، فان القضية اللفظية حينئذ حاكية عن المحمول والنسبة ، لا الموضوع مع امتناع تركّب القضية إلا من ثلاثة أجزاء ، ضرورة امتناع النسبة بدون الطرفين.
اقول : ينبغي للمستدل أن يقتصر على قوله «لاستلزامه اتحاد الدال والمدلول» لأن عدم اعتبار دلالته على نفسه حتى يلزم تركّب القضية من جزءين خلاف الفرض ، لأن المفروض إطلاق اللفظ وإرادة شخصه ، والانصاف عدم جواز استعمال اللفظ في شخص نفسه ، لما ذكره المستدل من الاتحاد ، فان قضية