ولا تفاوت في الانحلال على هذا الوجه بين ان يكون الطريق مقارنا للعلم او سابقا عليه اولا حقا له ، وكذا لا تفاوت بين الشبهة في الحكم وبين الشبهة في الموضوع ، هذا.
وتلخص مما ذكرنا عدم نهوض الادلة التى استدل بها اصحابنا الاخباريون على ايجاب الاحتياط ، فيكفى لنا حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان.
[ادلة القول بالبراءة]
وها انا اشرع في ذكر الادلة الشرعية الدالة على عدم البأس في ارتكاب الشبهات الحكمية البدوية بعون الله تعالى وحسن توفيقه :
منها الخبر المروى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بسند صحيح في الخصال كما عن التوحيد : «رفع عن امتى تسعة اشياء : الخطاء ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطروا اليه «الخبر» (١) تقريب الاستدلال به واضح.
واستشكل شيخنا المرتضى «قدسسره» (٢) في شموله للشبهات الحكمية التى هي محل النزاع بوجهين : احدهما ان السياق يقتضى ان يكون المراد من الموصول في قوله «ما لا يعلمون» هو الموضوع ، اذ المراد في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما لا يطيقون وما اضطروا اليه وما استكرهوا عليه» ليس إلّا الافعال ، اذ لا معنى للاضطرار الى الحكم او الاكراه عليه ، فيكون المراد من الموصول في قوله ما لا يعلمون ايضا الافعال المجهولة العنوان لظهور اتحاد السياق ، والثاني ان الظاهر ان المراد من الرفع هو رفع المؤاخذة ، فلا بد من التقدير في قوله : «ما لا يطيقون وما اضطروا اليه وما استكرهوا عليه» والمقدر هو المؤاخذة
__________________
(١) الوسائل ، الباب ٥٦ من ابواب جهاد النفس ، الحديث ١.
(٢) الفرائد ، ذيل الخبر ، ص ١٩٥ (طبع رحمة الله).