العموم من دون احتياج الى مقدمات الحكمة (١) والسر في ذلك ما قلنا ، ولو لا ذلك لما دل قولنا «اكرم العالم مطلقا» ايضا على الاطلاق اذ الاطلاق ايضا امر وارد على مفهوم لفظ العالم ، والمفروض انه مهملة يجتمع مع المقيد ، ولذا لو قال : «اكرم العالم العادل مطلقا» لم يكن تجوزا قط ، كما ذكرنا في تقرير الشبهة في مدخول لفظ الكل والنفي ، ولا شبهة في ان العرف والعقلاء لا يقفون عند سماع هذا الكلام ولا يطلبون مقدمات الحكمة في مفهوم لفظ العالم الذي ورد الاطلاق عليه ، ولعل هذا من شدة وضوحه خفى على بعض الاساتيذ ، فتدبر فيما ذكرنا.
[حجية العام المخصص في الباقي]
فصل : لا شبهة ان العالم المخصص سواء كان بالتخصيص المتصل ام المنفصل حجة في الباقي ، وان كان قد يفرق بينهما من بعض جهات أخر كما يأتى ان شاء الله تعالى.
والدليل على ذلك ان التخصيص لا يستلزم التجوز في العموم حتى يبحث في انه بعد رفع اليد عن معناه الحقيقى هل الباقى اقرب المجازات او هو متساو مع سائر المراتب الى ان تنتهى الى مرتبة لا يجوز التخصيص اليها ، لانّ التخصيص ان كان متصلا فان كان من قبيل القيود والاوصاف فهو تضييق لدائرة الموضوع ، وان كان من قبيل الاستثناء فهو اما اخراج عن الموضوع قبل الحكم واما اخراج عن الحكم فيستكشف ان شمول العام له من باب التوطئة والارادة الصورية الانشائية لا الجديّة ، وعلى كل حال ليس حمل العام على باقى الافراد تجوزا فيه ، بل ظهوره انعقد واستقر في الباقي من اول الامر ، وان كان التخصيص منفصلا
__________________
(١) والحاصل انه فرق بين ان يكون المدخول مجملا مرددا بين المطلق والمقيد فيحتاج الى المقدمات ، او مهملا جامعا فيكفى لفظة الكل في تعيين الاطلاق «منه».