حياة المؤلّف
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الشخصيّات الخالدة :
إنّ عجلة الزمن في دورانها المستمرّ لا تلفّ في طيّاتها أشخاصا بارزين فحسب ، بل حتّى كثيرا من آثارهم ، فلا يبقى منها أثر يذكر. ولكن يستثنى من هذه السنّة الطبيعيّة اولئك النماذج الانسانيّة الذين تقرّبوا بأعمالهم إلى ربّهم حتّى كانوا من أوليائه ، فإنّهم لعظمتهم وصلابتهم يستثنون من هذه السنّة الطبيعيّة الجارية ، فهم كما قال علي عليهالسلام : «باقون ما بقى الدّهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة» (١) فكأنّهم مستثنون ممّا يروى عن الرسول الكريم : «إنّ الشمس والقمر يبليان كلّ جديد». هؤلاء هم رجال العلم والفضيلة ، الذين يخلّدون في ذاكرة الناس بما يقدّمون لهم من خدمة صادقة مخلصة.
آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري :
ومن هؤلاء النماذج النادرة مؤسّس الحوزة العلميّة بمدينة قم المقدّسة المرحوم آية الله العظمى الحاج الشيخ عبد الكريم الحائريّ اليزديّ المهرجرديّ الميبديّ «قدّس الله سرّه» فهو من الأحياء الخالدين الذين لا تنسى الخواطر ذكرهم.
في سنة ١٢٧٦ ه. ق في قرية «مهرجرد» من نواحي ميبد في محافظة يزد ، وفي وسط عائلة مؤمنة تعمل في حقل الزراعة ، فتح عينيه على الحياة وليد ـ قدّم في مقتبل حياته
__________________
(١) ـ نهج البلاغة ، القسم الثالث : قصار الحكم ، الكلمة : ١٤٧ ط. صبحى الصالح.