* * *
ثم ان الاستصحاب ينقسم باعتبار المستصحب والدليل الدال عليه في السابق والشك في بقائه في اللاحق إلى اقسام عديدة لا يهمنا التعرض لذكرها لقلة الجدوى.
وانما المهم هنا بيان امور :
[في استصحاب حكم العقل]
احدها : ان الدليل الدال على وجود المستصحب في السابق ان كان هو العقل فهل يمكن الاستصحاب ام لا؟ ذهب شيخنا المرتضى «قدسسره» الى الثاني ، وذهب جمع من مشايخنا الى الاول ، تبعا لسيد مشايخنا الميرزا الشيرازي «قدسسره» وهو الحق.
وتوضيح ذلك يتوقف على بيان مرام الشيخ «قدسسره» اوّلا فنقول : حاصل ما يستفاد من كلامه في وجه منع جريان الاستصحاب أن العقل لا يحكم بحكم الا بعد احراز موضوعه بقيوده وحدوده ، حتى عدم المانع والرافع ، فحينئذ اذا حكم العقل بالحسن او القبح على موضوع محدود بحدوده فما دام ذلك الموضوع على حاله لا يعقل الشك في حكمه ، والشك في الحكم إما من جهة القطع بزوال قيد او جزء من ذلك الموضوع ، واحتمال ان يكون ملاك ذلك الحكم في المجرد عنهما ايضا ، وإما من جهة الشك في انطباق الموضوع العقلى على أمر خارجى ، ولا يمكن الاستصحاب في كل من الصورتين : اما الاولى فللقطع بزوال الموضوع ، واما الثانية فللشك في بقاء الموضوع ، ومن جملة شرائط الاستصحاب احراز الموضوع.
فان قلت : لو بنينا على احراز الموضوع في الاستصحاب بالدقة العقلية لانسد بابه في الاحكام الشرعية ايضا ، ضرورة عدم امكان الشك فيها الا من جهة الشك في الموضوع ، ومن المعلوم عدم الاشكال هنا من هذه الجهة ، لان الميزان صدق نقض اليقين بالشك عرفا ، وهو يقتضى بقاء ما هو الموضوع عندهم.