وانت بعد الاحاطة بما ذكرنا تعرف ان استدلال المجوز باجتماع المثلين او الضدين في باب الاسباب مما لا وجه له اصلا ، وتوضيحه انه في صورة تعدد الافراد من الطبيعة الواحدة ان قلنا بان السبب ليس إلّا صرف الوجود وكذا المسبب فلا يكون هناك الا سبب واحد ومسبب واحد ، وليس من مورد اجتماع المثلين اصلا ، وكذا ان قلنا بصرف الوجود في طرف المسبب فقط ، او السبب كذلك وان قلنا بكون السبب مراتب الوجود وكذلك المسبب فالاسباب متعددة وكذلك المسببات ، فلا اجتماع للمثلين ايضا ، وهكذا الامر في صورة تعدد الفردين من طبيعتين ، لانه ان جعلنا المسبب صرف الوجود فالواجب واحد بوجوب واحد ، وان جعلناه مراتب الوجود فالواجب متعدد بتعدد السبب ، والوجوب ايضا كذلك فلا اجتماع للمثلين ايضا.
واما قضية اجتماع الضدين كالوجوب والاستحباب في غسل الجمعة والجنابة فنقول : ان قلنا بتعدد الحقيقة في الغسلين فلا يكون من مورد اجتماع الضدين ، لانه على هذا يكون من قبيل وجوب اكرام العالم واستحباب اكرام الهاشمي ، وان قلنا بوحدتهما حقيقة ، فان بنينا على عدم كفاية غسل واحد عنهما فلا شبهة ايضا في عدم اجتماع الضدين ، وان بنينا على كفاية غسل واحد فالموجود في الخارج من قبيل الصلاة في المسجد في كونه مصداقا للواجب فقط مع افضليته من ساير المصاديق من جهة اشتماله على جهة الاستحباب.
هذا تمام الكلام في حجج المجوزين وقد عرفت ان امتنها ما ذكر اولا.
__________________
بل منتزعه قهرا بعد تأثيرها ، وكذا التعدد ، ولازم ذلك ازدياد المراد بازدياد الارادة.
ومن هنا يظهر انه لا فرق في لزوم القول : بعدم التداخل بين جعل الجزاء في القضايا الشرطية وجود فعل الجزاء او وجوبه وان كان عبارة شيخنا المرتضى «رحمهالله تعالى» ظاهرة في الفرق بينهما ، ولا يتوهم تهافت ما هنا مع ما مر في مقدمات المبحث من عد الامر من اقسام العرض ، فان ما هنا باعتبار الوجود الخارجي للمأمور به وما هناك باعتبار الوجود الذهنى له «منه».