[مفهوم الغاية]
ومن المفاهيم التى وقع الاختلاف فيها مفهوم الغاية ، والمنسوب الى المشهور دلالة الغاية المذكورة في القضية على ارتفاع الحكم ، والى جماعة منهم الشيخ والسيد «قدسسرهما» عدم الدلالة ، والحق ان يقال : ان الغاية بحسب القواعد العربية تارة تكون غاية للموضوع واخرى تكون غاية للحكم ، الاول مثل سر من البصرة الى الكوفة ، والثاني مثل اجلس من الصبح الى الزوال ، ففي الاول حالها حال الوصف في عدم الدلالة ، وان كان تحديد الموضوع بها يوجب انتفاء الحكم المذكور في القضية عند حصولها ، لكن قد مر ان هذا ليس قولا بالمفهوم ، وفي الثاني الظاهر الدلالة فان الغاية جعلت بحسب مدلول القضية غاية للحكم المستفاد من قوله اجلس ، وقد حققنا في محله ان مفاد الهيئة انشاء حقيقة الطلب لا الطلب الجزئى الخارجي ، فيكون الغاية في القضية غاية لحقيقة الطلب المتعلق بالجلوس ، ولازم ذلك ارتفاع حقيقة الطلب عن الجلوس عند وجودها ، نعم لو قلنا : ان مفاد الهيئة هو الطلب الجزئى الخارجي فالغاية لا تدل على ارتفاع سنخ الوجوب ، وبعبارة اخرى لا اشكال في ظهور قولنا اجلس من الصبح الى الزوال في ان الزوال غاية للطلب المستفاد من قولنا اجلس ، فان جعلنا مفاد الهيئة حقيقة الطلب المتعلق بالجلوس فمقتضى جعل الغاية لها ارتفاعها عند تحقق الغاية ، وان جعلنا مفادها هو الطلب الجزئى فلازم ذلك ارتفاع ذلك الطلب الجزئى ، ولا ينافي وجود جزئى آخر بعد الغاية وحيث ان التحقيق هو الاول تكون القضية ظاهرة في ارتفاع سنخ الحكم عن الجلوس في المثال هذا (١).
__________________
(١) يمكن ان يقال بمنع المفهوم حتى فيما اخذ فيه الغاية قيدا للحكم ، كما في اجلس من الصبح الى الزوال لمساعدة الوجدان على انا لو قلنا بعد الكلام المذكور وان جاء زيد فاجلس من الزوال الى الغروب فليس فيه مخالفة لظاهر الكلام الاول ، فهذا يكشف