في بيان حجة المانع
اعلم ان احسن ما قرر في هذا المقام ما افاده شيخنا الاستاذ «دام بقاه» في فوائده ، ونحن نذكر عباراته لئلا يسقط شيء مما اراده.
قال ـ بعد اختيار القول المشهور وهو الامتناع ما هذا لفظه ـ : وتحقيقه على وجه يتضح فساد ما قيل او يمكن ان يقال للقول بالجواز من وجوه الاستدلال يتوقف على بيان امور :
احدها انه لا اشكال في تضاد الاحكام الخمسة باسرها في مقام فعليتها ومرتبة واقعيتها ، لا بوجوداتها الانشائية من دون انقداح البعث والزجر والترخيص فعلا نحو ما انشأ وجوبه او حرمته او ترخيصه ، فلا امتناع في اجتماع الايجاب والتحريم في فعل واحد انشاء من دون بعث نحوه وزجر عنه مع وضوح الامتناع معهما ، ومن هنا ظهر انه لا تزاحم بين الجهات المقتضية لها الا في مرتبة فعليتها وواقعيتها ، وانه يمكن انشاء حكمين اقتضائيين لفعل واحد وان لم يمكن ان يصير فعليا إلّا احدهما ، ومما ذكرنا ظهر ان تعلق الامر والنهي الفعليين بشيء واحد محال ولا يتوقف امتناعه على استحالة التكليف بالمحال.
ثانيها انه لا ريب في ان متعلق الاحكام انما هو الافعال بهويتها وحقيقتها لا باسمائها وعناوينها المنتزعة عنها ، وانما يكون اخذ اسم او عنوان خاص في متعلق الامر او النهى لاجل تحديد ما يتعلق به احدهما منها وتعيين مقداره ، فلا ينثلم وحدة المتعلق بحسب الهوية والحقيقة واقعا بتعدد الاسم او العنوان ، ولا تعدده كذلك بوحدتهما ، فالحركة الخاصة الكذائية المحدودة بحدود معينة لا تتعدد اذا سميت باسمين او انتزع عنها عنوانان من وجهين ، كما ان الحركتين الخاصتين اللتين يكون كل منهما محدودة بحدود معينة لا تصيران واحدا اذا سميتا باسم واحد وانتزع عنهما مفهوم واحد ، وهذا من اوائل البديهيات ، وبالجملة انما يتعلق الاحكام في الادلة بالاسامي والعنوانات بما هي حاكية عن