والبلاغة ، بخلاف المجاز ، فانه انما يحسن في تلك المواقع خاصة ، وإلّا ففى مورد كان المقصود ممحضا في افادة المدلول لا يكون له حسن ، كما لا يخفى ، وهذا كما ترى يمكن حصوله لغير اهل اللسان ايضا اذا شاهد استعمال اهل اللسان.
[في الحقيقة الشرعية]
ومنها : اختلف في ثبوت الحقيقة الشرعية وعدمه.
اقول : لا مجال ظاهرا لإنكار ان الفاظ العبادات كانت في زمن النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» بحيث يفهم منها عند الاطلاق المعاني المستحدثة ، وهل كان ذلك من جهة الوضع التعييني او التعيني ، او كانت موضوعة لتلك المعاني في الشرائع السابقة ايضا؟ لا طريق لنا لا ثبات احد الامور ، نعم الوضع التعييني بمعنى تصريح النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالوضع لتلك المعاني بعيد غاية البعد ، لكن يمكن الوضع التعييني بنحو آخر ، بأن استعمل «صلىاللهعليهوآلهوسلم» تلك الالفاظ في المعاني المستحدثة بقصد انها معانيها ، وهذا ايضا نحو من الوضع التعييني (١) فانك لو اردت تسمية ابنك زيدا فتارة تصرح بانى جعلت اسم هذا زيدا ، واخرى تطلق هذا اللفظ عليه بحيث يفهم بالقرينة أنك تريد ان يكون هذا اللفظ اسما له ، وهذا القسم من الوضع التعيينى ليس بمستبعد في الشرع.
وقد يستدل ببعض الآيات (٢) من قبيل قوله تعالى : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا)(٣) وقوله تعالى : «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى
__________________
(١) وكون هذا الاستعمال على نحو الحقيقة او المجاز مبنى على ان الوضع هل هو عبارة عن مجرد التعهد في النفس واللفظ كاشف عنه او هو منتزع عن مرتبة اظهاره «منه».
(٢) قد غيّر متن الكتاب بما ترى ، من هنا الى قوله «ثم انه تظهر الثمرة آه» في الطبعة الثالثة المنقحة في زمن المؤلف قدسسره ومضمونه موجود في تعليقاته قدسسره الموجودة عند آية الله العظمى الاراكى مد ظلّه العالى. «المصحّح»
(٣) سورة مريم ، الآية ٣١.