ملاك المعارضة وجود الاصلين المتعارضين في زمان وان انتفى مورد احدهما فيما بعد ذلك ، كما لو خرج احد اطراف الشبهة المحصورة بعد تعارض الاصلين عن محل الابتلاء ، وان كان المراد عدم جريان الاصل في القصير اصلا فهو لا يصح على الاطلاق ، وانما يصح فيما اذا كان اثر الفرد القصير اقل من اثر الفرد الطويل ، كما اذا لم يعلم ان الثوب تنجس بالدم او بالبول وقلنا انه في الاول يكفى الغسل مرة وفي الثاني يجب مرتين ، فان وجوب الغسل مرة مما يقطع به ، فلا يجوز استصحاب عدم تنجسه بالدم لنفى اثره ، وأما اذا لم يكن كذلك كما لو كانا متباينين في الاثر فلا وجه للقول بعدم جريان الاستصحاب في الفرد القصير ، فليتدبر جيدا.
ثم انك قد عرفت ان اجراء الاصل في الكلى لا يثبت الفرد وان كان ملازما له ، لان هذه الملازمة ليست بشرعية ، وحينئذ فلو كان للفرد اثر خاص ينفى بالاصل إلّا اذا كان للفرد الآخر ايضا اثر خاص ، فيتعارض الاصلان ، وكذا لو علم ان الحكم ببقاء الكلى في الاثر والحكم بعدم الفرد كذلك مما لا يجتمعان في مرحلة الظاهر ايضا.
وان كان الشك من جهة وجود الفرد الآخر مع المتيقن او مقارنا لارتفاعه ففي جريان الاستصحاب في الجامع بين الفردين المحتمل بقاؤه بقيام الفرد الآخر مقام المتيقن وجوه : ثالثها التفصيل بين القسمين المذكورين ، فيجرى في الاول منهما ، نظرا الى احتمال بقاء الكلى بعين ما وجد اولا ، دون الثاني ، للقطع بعدم بقائه كذلك ، كما ذهب اليه شيخنا المرتضى «قدسسره» (١).
واختار شيخنا الاستاذ «دام بقاه» عدم الجريان مطلقا ، قال في تقريب ذلك : ان وجود الطبيعي وان كان بوجود فرده ، إلّا ان وجوده في ضمن افراد متعددة ليس نحو وجود واحد له ، بل وجود كل فرد منه نحو وجود له عقلا
__________________
(١) الفرائد ، التنبيه الاوّل من تنبيهات الاستصحاب ، ص ٣٧٢.