الدالة على وجوب البناء على الحالة السابقة ، وهكذا ، ولا يوجب هذا الاختلاف تفاوتا في حقيقة الاستصحاب كما لا يخفى.
ثم اعلم ان الاستصحاب ان اخذ من باب الظن فتارة يبحث عن وجود هذا الظن ، واخرى عن حجيته ، لا اشكال في ان النزاع الثاني نزاع في المسألة الاصولية ، كالنزاع في حجية خبر الواحد وامثال ذلك ، بناء على عدم اخذ عنوان الدليلية في موضوع علم الاصول ، واما الاول فادخاله في المسألة الاصولية مبنى على جعل محل الكلام ثبوت الملازمة بين الكون السابق والبقاء ، لان موضوع البحث حينئذ هو حكم العقل وهو ادراكه الملازمة ظنا ، وان احتيج بعد الفراغ عن هذا الحكم العقلى الى حكم شرعي يدل على حجية هذا الظن ، فموضوع البحث ذات الدليل العقلي وان لم يفرغ عن دليليته.
واما اذا اخذناه من الاخبار فادراجه في المسائل الاصولية مع الالتزام بكون موضوع علم الاصول هو الادلة الاربعة ، لا غير ، مشكل ، بل غير ممكن ، لان المبحوث فيه ليس إلّا ثبوت حكم الشارع بوجوب المضى على ما كان ، ومن الواضح عدم كون حكم الشارع الذي هو محل البحث في المقام من الادلة الاربعة ، بل هو مدلول الاخبار ، بعد احراز حجيتها وحجية ظواهرها ، وتميز ظاهرها عن غيره ، وغير ذلك مما جعل لكل واحد بحث مستقل ، والحاصل انه ليس النزاع في حكم الشارع في المقام الا مثل النزاع في حكم الشارع بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال وامثاله من المسائل الفقهية. فما افاده المحقق القمي «قدسسره» في القوانين من أن الاستصحاب ان اخذ من العقل كان داخلا في الدليل العقلي ، وان اخذ من الاخبار فيدخل في السنة ، صحيح في الشق الاول ، ولكنه محل نظر في الشق الثاني.
ويظهر من كلام شيخنا المرتضى «قدسسره» هنا (١) دخوله في المسائل
__________________
(١) الفرائد ، ص ٣٢٠.