فتلخص مما ذكرنا عدم دليل يقتضى خروج ظواهر الكتاب عن الحجية ، فهى على حد غيرها باقية تحت قاعدة الحجية المستفادة من بناء العقلاء وامضاء الشارع ، فلا تحتاج الى ذكر الاخبار التى يدعى ظهورها في حجية ظواهر الكتاب مع كون كلها او جلّها مخدوشا.
هذا تمام الكلام في اعتبار الظواهر بعد الفراغ عن تشخيص نفس الظاهر.
واما تشخيص الظاهر والمتفاهم من معنى اللفظ ، فمحصل الكلام فيه ان الظن في تشخيص الظواهر إما يحصل من قول اللغوى ، وإما من احراز مورد الاستعمال بضميمة اصالة عدم القرينة ، وكل منهما لا دليل على حجيته.
اما الاول فلان غاية ما يستدل به عليه وجهان :
احدهما كونه خبرة ، وبناء العقلاء على الرجوع الى اصحاب الصناعات البارزين في فنهم فيما اختص بصناعتهم.
الثاني ان استنباط الاحكام من الادلة واجب على المجتهد ، ولا يمكن إلّا بالرجوع الى قول اللغوى في تشخيص معانى الالفاظ الواردة في الكتاب والسنة ، والدليل الثاني لو تم لدل على حجية كل ظن ولا اختصاص له بقول اللغوى.
وكيف كان فلا يتم كل من الوجهين : اما الاول فلعدم كون اهل اللغة خبرة فيما هو المقصود ، لان المقصود فهم المعاني الحقيقية للالفاظ وتشخيصها عن المعاني المجازية ، وليس وظيفة اللغوى الا بيان موارد الاستعمال ، واما كون المعنى الكذائى حقيقيا فلا يطلع عليه ، وان اطلع عليه بواسطة بعض الامارات فليس من هذه الجهة من اهل الخبرة ، والحاصل ان المنع من جهة تحقق الصغرى ، واما الكبرى اعنى بناء العقلاء على الرجوع الى ارباب الصناعات في صنعتهم فالانصاف انها لا تخلو عن قوة (١).
__________________
(١) وجه القوة ان احتمال الخطأ في حدسه صار موهونا كاحتمال الخطأ في الحس ، نعم لو احتمل تعمده الكذب فليس لنا اصل عقلائي يدفعه ، بل لا بد من حصول الاطمئنان او ـ