أمّا المقدّمات
[في الوضع]
فمنها : ان الألفاظ ليست لها علاقة مع معانيها مع قطع النظر عن الوضع ، وبه يوجد نحو ارتباط بينهما ، وهل الارتباط المذكور مجعول ابتدائى للواضع بحيث كان فعله ايجاد ذلك الارتباط وتكوينه أوّلا ، أو فعل أمرا آخر ، والارتباط المذكور صار نتيجة لفعله؟ لا يعقل جعل العلاقة بين الأمرين اللذين لا علاقة بينهما أصلا ، والذي يمكن تعقّله أن يلتزم الواضع (*٥) انّه متى أراد معنى وتعقّله وأراد إفهام الغير تكلّم بلفظ كذا ، فاذا التفت المخاطب بهذا الالتزام ينتقل الى ذلك المعنى عند استماع ذلك اللفظ منه ، فالعلاقة بين اللفظ والمعنى تكون نتيجة لذلك الالتزام ، وليكن على ذكر منك ينفعك في بعض المباحث الآتية ان شاء الله ، وكيف كان الدالّ على التعهد تارة يكون تصريح الواضع ، واخرى كثرة الاستعمال ، ولا مشاحّة في تسمية الأول وضعا تعيينيا والثاني تعيّنيا.
ثم إنّ الملحوظ حال الوضع إمّا أن يكون معنى عاما كلّيا ، وإمّا أن يكون خاصا ، وعلى الأول إمّا أن يوضع اللفظ بازاء ذلك المعنى العام ، وإمّا أن يوضع بازاء جزئياته ، وعلى الثاني لا يمكن أن يوضع إلا بازاء الخاصّ الملحوظ ، فالأقسام ثلاثة : لأن الخاصّ الملحوظ إن لوحظت الخصوصية فيه حين الوضع فالموضوع له لا يكون إلا خاصا ، وإن جرد عن الخصوصية فهو يرجع الى تصور العام ، هكذا قال بعض الاساطين «دام بقاه» (١).
__________________
(١) في الكفاية ، الأمر الثاني من المقدّمة ، ج ١ ، ص ١٠ (طبعة المشكيني).