أقول : يمكن أن يتصور هذا القسم ، أعني ما يكون الوضع فيه خاصا والموضوع له عاما فيما اذا تصور شخصا وجزئيا خارجيا من دون أن يعلم تفصيلا بالقدر المشترك بينه وبين سائر الأفراد ، ولكنه يعلم إجمالا باشتماله على جامع مشترك بينه وبين باقي الأفراد مثله ، كما اذا رأى جسما من بعيد ولم يعلم بأنه حيوان أو جماد ، وعلى أي حال لم يعلم أنه داخل في أي نوع؟ فوضع لفظا بازاء ما هو متحد مع هذا الشخص في الواقع ، فالموضوع له لوحظ إجمالا وبالوجه ، وليس الوجه عند هذا الشخص إلا الجزئي المتصور ، لأنّ المفروض أن الجامع ليس متعقّلا عنده إلا بعنوان ما هو متحد مع هذا الشخص.
والحاصل : أنّه كما يمكن أن يكون العام وجها لملاحظة الخاص (*٦) لمكان الاتحاد في الخارج كذلك يمكن أن يكون الخاص وجها ومرآة لملاحظة العام لعين تلك الجهة (*٧) ، نعم فيما اذا علم بالجامع تفصيلا لا يمكن أن يكون الخاص وجها له ، لتحقق الجامع في ذهنه تفصيلا بنفسه ، لا بوجهه ، فليتدبّر.
ثم إنه لا ريب في ثبوت القسمين : أعني ما يكون الوضع فيه خاصا والموضوع له كذلك ، كوضع الأعلام الشخصية ، وما يكون الوضع فيه عاما والموضوع له كذلك ، كوضع أسماء الأجناس ، وأمّا الأخير فهو على تقدير إمكانه كما مرّ غير ثابت.
وأما الوضع العام والموضوع له الخاص فقد يتوهّم أنه وضع الحروف وما أشبهها كأسماء الإشارة ونحوها ، ومما يمكن أن يكون منشأ التوهّم أمران :
أحدهما : ان معاني الحروف مفاهيم لوحظت في الذهن آلة (*٨) لملاحظة حال الغير ، مثلا : لفظه «من» موضوعة للابتداء الذي لوحظ في الذهن آلة ومرآة لملاحظة حال الغير ، ولا إشكال في أن مفهوم الابتداء وإن كان بحسب ذاته كلّيا ولكن بعد تقييده بالوجود الذهني يصير جزئيا حقيقيا ، كما أن المفهوم بعد تقييده بالوجود الخارجي يصير جزئيا كذلك.
والثاني : انه لما كان المأخوذ فيها كونها آلة (*٩) لتعرف متعلّقاتها الخاصة