ثبوت هذا الحكم ثبوت الملازمة في نفس الامر حتى تكون منتجة للحكم الشرعى العملي ، وان شئت قلت : كما ان الطريق الى الحكم الشرعي العملى ابتداء طريق اليه ويشمله ادلة الحجية كذلك الطريق الى طريق الحكم الشرعي ايضا طريق اليه ، فيشمله دليل الحجية فافهم وتدبر. هذا.
مضافا الى ان قضية «صدّق العادل» بعد القطع بعدم كون المراد منها التصديق القلبي يجب ان تحمل على ايجاب العمل في الخارج ، وليس لقول المفيد المخبر بقول الشيخ اثر عملى اصلا ولو بعد ملاحظة كونه موضوعا لوجوب التصديق ، لان التصديق ليس اثرا عمليا في نفسه بعد ما لم يكن المراد التصديق القلبى ، والاثر العملى منحصر فيما ينتهى اليه هذه الاخبار ، وهو قول الامام عليهالسلام «يجب الصلاة» مثلا فيجب ان يكون قضية «صدّق العادل» عند تعلقها بقول الشيخ ناظرة الى ذلك الاثر ، وهو لا يصح إلّا بملاحظة ما ذكرنا ، وبعبارة اخرى اوضح : احتمال عدم وجوب الصلاة في المثال المذكور مستند الى احتمال كذب احد العدول المذكورة في السلسلة ، فمعنى الغاء احتمال كذب العادل يرجع الى ايجاب العمل بما انتهى اليه قول الرواة العدول.
ومن الآيات التى استدل بها على حجية الخبر آية النفر ، قال الله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (١) تقريب الاستدلال بوجوه اربعة :
احدها : استظهار رجحان الحذر من لفظة لعل ، إما بانسلاخها عن معناها. الحقيقى ، وهو الترجى الواقعى ، وحملها على مطلق الطلب ، او مع ابقائها على حقيقتها ، على ما هو التحقيق ، بكون معناها هو الترجى الايقاعى ، ولا ينافى ذلك صدورها ممن هو عالم بحقيقة الامر ، ثم القول بالوجوب من باب الملازمة العقلية بين رجحان الحذر ووجوبه ، لما افاده صاحب المعالم ، من ان المقتضي
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية ١٢٢.