سلمان وامثاله عن الله تعالى ، غاية الامر عدم الوقوع ، وليس هذا محلا للنزاع.
الثاني : ان العمل بالخبر الواحد موجب لتحليل الحرام وتحريم الحلال ، اذ لا يؤمن ان يكون ما اخبر بحليته حراما في الواقع ، وبالعكس ، توضيح الكلام انه لا إشكال في ان الاحكام الخمسة متضادة باسرها ، فلا يمكن اجتماع اثنين منها في مورد واحد ، ومن يدعى التعبد بالخبر الواحد يقول بوجوب العمل به وان اذى الى مخالفة الواقع ، وحينئذ لو فرضنا ان الامارة أدت الى وجوب صلاة الجمعة وتكون محرمة في الواقع ونفس الامر ، فقد اجتمع في موضوع واحد اعنى صلاة الجمعة حكمان ، الوجوب والحرمة ، وايضا يلزم اجتماع الحب والبغض ، والمصلحة والمفسدة ، في شيء واحد ، من دون وقوع الكسر والانكسار ، بل يلزم المحال ايضا على تقدير المطابقة للواقع ، من جهة لزوم اجتماع المثلين وكون الموضوع الواحد موردا لوجوبين مستقلين ، وايضا يلزم الالقاء في المفسدة ، فيما اذا أدت الامارة الى إباحة ما هو محرم في الواقع ، وتفويت المصلحة ، فيما اذا أدت الى جواز ترك ما هو واجب ، هذا كله على تقدير القول بان لكل واقعة حكما مجعولا في نفس الامر ، سواء كان المكلف عالما به او جاهلا ، وسواء ادى اليه الطريق او تخلف عنه ، كما هو مذهب اهل الصواب واما على التصويب فلا يرد ما ذكرنا من الاشكال إلّا انه خارج عن الصواب هذا.
والجواب عنه بوجوه :
الأوّل : ما افاده سيدنا الاستاذ «طاب ثراه» من عدم المنافاة بين الحكمين اذا كان الملحوظ في موضوع الآخر الشك في الاول ، وتوضيحه انه لا اشكال في ان الاحكام لا تتعلق ابتداء بالموضوعات الخارجية ، بل انما تتعلق بالمفاهيم المتصورة في الذهن ، لكن لا من حيث كونها موجودة في الذهن ، بل من حيث إنها حاكية عن الخارج ، فالشيء ما لم يتصور في الذهن لا يتصف بالمحبوبية والمبغوضية ، وهذا واضح ، ثم ان المفهوم المتصور تارة يكون مطلوبا على نحو الاطلاق ، واخرى على نحو التقييد ، وعلى الثاني فقد يكون لعدم المقتضى في