[ادلة حجية مطلق الظن]
واما الوجوه التي استدل بها على حجية مطلق الظن من غير خصوصية للخبر فهى اربعة :
الأوّل : ان مخالفة المجتهد لما ظنه من الحكم الوجوبى او التحريمى مظنة للضرر ، ودفع الضرر المظنون لازم ، اما الصغرى ، فلان الظن بالوجوب او الحرمة مستلزم للظن بالعقوبة على المخالفة ، او بالمفسدة اللازمة لترك الواجب او فعل الحرام ، بناء على تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ، واما الكبرى ، فلاستقلال العقل بها ، بل قيل : ان وجوب دفع الضرر المظنون متفق عليه بين العقلاء وان لم نقل بالتحسين والتقبيح.
والجواب : ان الضرر الاخروى غير مظنون ، بل ولا محتمل ، من جهة عدم البيان ، واما الغير الاخروى ان سلمنا الظن به فلا يوجب صحة العقوبة ، بداهة أنّ مجرّد هذا الظنّ ليس منشأ للعقوبة ، وليس هنا حكم عقلى يوجب العقوبة بل المحقق في موارد الظن بالضرر تحرز النفوس بمقتضى الجبلة ، ولا يختص ذلك بالعقلاء ، بل هو امر مرتكز في نفوس تمام الحيوانات ، ومعلوم ان مثل هذا الارتكاز الجبلى الذي ليس منشؤه التحسين والتقبيح ليس موجبا لصحة العقوبة.
والحاصل ان تحرزهم عن الضرر انما هو من جهة حبهم للنفس والمال ، وليس من اقدم عليه لغرض من الاغراض ممن يعد عند العقلاء مقدما على القبيح ، كمن يقدم على الظلم ، فلم يبق إلّا ان المقدم على الضرر المظنون او المحتمل يقع فيه على فرض وجوده ، وهذا لا ينكره احد ، سواء كان بناء العقلاء على الاحتراز عن الضرر ام لا ، انما الكلام في انه هل للمولى حجة على مؤاخذته مطلقا او على تقدير الوقوع في الضرر الواقعي او لا؟ وقد عرفت عدمها ، هذا.
مضافا الى انه لا يلزم ان يكون المفاسد الكامنة في فعل المحرم او ترك الواجب من الضرر الراجع الى المكلف حتى يحصل في الاقدام على المظنون