الكتب المعتمدة للشيعة ، كالكتب الاربعة ، مع عمل جمع به من غير رد ظاهر ، قال : لانا نقطع ببقاء التكليف الى يوم القيامة ، سيما بالاصول الضروريّة كالصلاة والزكاة والحج والمتاجر والانكحة ونحوها ، مع ان جل اجزائها وشرائطها وموانعها انما يثبت بالخبر الواحد الغير القطعي ، بحيث يقطع بخروج حقايق هذه الامور عن كونها هذه الامور عند ترك العمل بالخبر الواحد ، ومن انكر فانما ينكر باللسان وقلبه مطمئن بالايمان «انتهى».
اقول : هذا الدليل كالدليل الاول ، إلّا ان المدعى فيه العلم الاجمالى بصدور خصوص الاخبار الدالة على الشرائط والاجزاء والموانع ، ويرد عليه ، مضافا الى ما يرد على الاول ، انه لا يثبت وجوب العمل بالخبر المثبت لاصل التكليف.
الوجه الثالث : ما ذكره بعض الاساطين في حاشيته على المعالم ، وملخصه ان وجوب العمل بالكتاب والسنة ثابت بالاجماع ، بل بالضرورة والاخبار المتواترة ، وبقاء هذا التكليف ايضا بالنسبة الينا ثابت بالادلة المذكورة ، وحينئذ فان امكن الرجوع اليهما على وجه يحصل العلم بهما بحكم ، او الظن الخاص به ، فهو ، وإلّا فالمتبع هو الرجوع اليهما على وجه يحصل الظن منهما» (١).
اقول : لا يخفى ان المراد من السنة التى ادعى الاجماع والضرورة على وجوب العمل بها ، ان كانت السنة الواقعية فهذا يرجع الى دليل الانسداد الآتي المثبت لحجية كل ظن ، لا خصوص الاخبار ، وان كان المراد هو الاخبار الآحاد الحاكية عن السنة ، فمع انه لا ينبغى دعوى الضرورة على وجوب العمل بها ، يوجب العمل بما هو متيقن الاعتبار ، لو كان ، وإلّا فالعمل بالكل تحصيلا للامتثال اليقينى ، ولا يجوز الاكتفاء بالخبر المظنون الصدور او الاعتبار.
* * *
__________________
(١) هداية المسترشدين ، ص ٣٩١.