ويثبت الباقي (١) كما ذكرنا هذا.
وينبغى التنبيه على امور :
الأوّل : اذا دار الامر بين التعيين والتخيير ، بان يكون تعلق الوجوب على موضوع معلوما ، وشك في انه على نحو التعيين او التخيير ، فهل الاصل يقتضى ايهما؟ فيه وجهان : وجه الاول ان تعلق التكليف بهذا الموضوع معلوم ، ويشك في انه هل يسقط باتيان شيء آخر ام لا ، فمقتضى الاشتغال بالحكم الثابت فراغه عن عهدة التكليف يقينا ، ووجه الثاني ان الشك في المقام راجع الى الشك في الاطلاق والتقييد ، ووجهه ان الشيئين اذا اتحدا في الاثر فاللازم عند العقل ان يكون ذلك الاثر مستندا الى القدر الجامع ، فحينئذ مرجع الشك في التعيين والتخيير الى ان التكليف هل هو متعلق بالجامع بين الفردين او بخصوص ذلك الفرد ، ولما قلنا بالبراءة هناك نقول بها هنا ايضا.
والحق هو الاول لان التخيير وان كان راجعا الى تعلق الحكم بالجامع عقلا وفي عالم اللب ولكن لو كان مراد المولى ذلك العنوان الخاص الذي جعله موردا للتكليف على وجه التعيين لم يكن للعبد عذر ، وليست المؤاخذة عليه مؤاخذة من دون حجة وبيان ، حيث انه يعلم توجه الخطاب بالنسبة الى العنوان المخصوص.
ومن هنا تعرف الفرق بين المقام وبين دوران الامر بين المطلق والمقيد ، حيث إنه في الثاني لا يعلم بتوجه الخطاب بالمقيد فيؤخذ بالمتيقن ويدفع القيد بالبراءة ، بخلاف ما نحن فيه حيث ان المفروض العلم بصدور الخطاب المتعلق
__________________
(١) فيه ان هذا تقريب الانحلال ، والمفروض التكلم على مذاق القائل بالعدم ، فالصواب التمسك بناء على هذا المذاق بجريان الحديث في الشك في القيدية والشرطية ، بناء على عمومه لجميع الآثار ، ثم التمسك لاثبات وضع الباقي بالبيان المتقدم. (م. ع. مدّ ظلّه).