واما على مبنى القائل بالاحتياط فيشكل التمسك بهما على المطلوب ، من جهة انه على المبنى المذكور العلم بالوجوب الاعم من النفسي والغيري ليس له اثر عقلا ، وانما المؤثر هو العلم بالتكليف النفسي امّا اجمالا او تفصيلا ، فعلى هذا كما ان تعلق التكليف بالاكثر مشكوك فيشمله الحديث كذلك تعلقه بالاقل ايضا فيتعارضان.
اللهم إلّا ان يقال بعد تعارضهما يبقى الاصل الجاري في الوجوب الغيري للجزء المشكوك فيه سليما عن المعارض ، لان الشك فيه انما يكون مسببا عن الشك في تعلق التكليف بالاكثر ، وليس في مرتبة المتعارضين حتى يسقط بالتعارض.
ولكن يمكن المناقشة فيه ايضا بان مجرد نفي الوجوب الغيري عن الجزء المشكوك لا يثبت كون الواجب هو الاقل إلّا بالاصل المثبت الذي لا تقول به.
اللهم إلّا ان يدعى ان رفع الوجوب عن جزء المركب بعد فرض وجوب الباقي يفهم منه عرفا ان الباقي واجب نفسي ، ويؤيد ذلك قول الامام عليهالسلام في خبر عبد الاعلى : «يعرف هذا واشباهه من كتاب الله ، ما جعل عليكم في الدين من حرج ، امسح على المرارة» (١) حيث إن الامام عليهالسلام دلّنا على ان المدلول العرفي للقضية رفع ما يكون حرجا ، وهو مباشرة اليد الماسحة للبشرة الممسوحة واثبات الباقي وهو اصل المسح ، وهنا نقول ايضا بان المجهول مرفوع والتكليف ثابت في الباقي بمدلول قضية رفع ما لا يعلمون وحديث الحجب.
ومن هنا يظهر وجه التمسك بهما لنفى القيد المشكوك ، فان التكليف بالمقيد وان كان تكليفا واحدا لكن يصح تحليله عند العقل ، ويقال ان تعلق التكليف باصل الطبيعة معلوم ، والخصوصية الزائدة غير معلومة ، فتنفى بمقتضى الخبرين
__________________
(١) الوسائل ، الباب ٣٩ من ابواب الوضوء ، الحديث ٥. وفيه : امسح عليه.