الواقعية المتعلّقة بأفعال المكلّفين (*١) ، سواء تقع في طريق العلم بها ، كما في بعض القواعد العقلية ، أو تكون موجبة للعلم بتنجزها على تقدير الثبوت ، أو تكون موجبة للعلم بسقوط العقاب كذلك ولعل هذا أحسن مما هو المعروف : من أنه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية الفرعية ، لاستلزامه الالتزام بالاستطراد في بعض المسائل المهمة ، مثل مسائل الاصول العملية ومسألة حجية الظن في حال الانسداد بناء على الحكومة ، لعدم تمهّدها لاستنباط الأحكام ، كما هو واضح.
وانما قيدنا القواعد بكونها الممهّدة لكشف حال الأحكام ، لخروج مثل علم النحو والصرف وامثالهما مما احتيج إليها في طريق كشف حال الأحكام وعلم الفقه ، أما الأول فلأن مسائله ليست ممهّدة لخصوص ذلك ، وأمّا الثاني فلأن مسائله هي الأحكام الواقعية الأولية ، وليس ما وراءها أحكام أخر تستكشف حالها بتلك المسائل.
اذا حفظت ما ذكرنا تقدر على دفع ما ربما متوهّم من دخول بعض مسائل الاصول في الفقه ، كمسألة الاستصحاب بناء على أخذه من الأخبار ، وما يشابهها. تقريره : أن الاستصحاب على هذا ليس إلا وجوب البناء على طبق الحالة السابقة ، بل يمكن هذا التوهّم فيه حتى بناء على اعتباره من باب الظن ، فيسري الاشكال في جلّ مسائل الاصول كحجية الخبر والشهرة وظاهر الكتاب وما أشبه ذلك ، بناء على أن الحجية ليست إلا وجوب العمل بالمؤدّى.
وحاصل الجواب أن مسائل الفقه ليست عبارة عن كل حكم شرعي متعلق بفعل المكلّف ، بل هي عبارة عن الأحكام الواقعية الأولية التي تطلب من حيث نفسها ، فكل ما يطلب من جهة كونه مقدمة لاحراز حال الحكم الواقعي فهو خارج عن مسائل الفقه ، ولا إشكال في أن تمام مسائل الاصول من قبيل الثاني.
ولا يخفى عليك أن ما ذكرنا من الميزان أسلم مما ذكر من أن مسائل الفقه