الثانية : في تعارضه مع اصالة الصحة في فعل الغير :
ومجمل القول في ذلك : ان الشك في صحة الفعل الذي وقع في الخارج ناش من الشك في اخلال ما اعتبر فيه شرطا او شطرا ، وهذا على قسمين : احدهما ما يكون مجرى الاستصحاب ، كالبلوغ واعتبار المبيع بالرؤية او الكيل او الوزن ، والثاني ما لا يكون كذلك ، كما اذا شك في الصحة لاجل الشك في تحقق ما اعتبر قيدا للعقد ، كالعربية مثلا ، اذ لا يكون له حالة سابقة ، كما لا يخفى.
اما القسم الثاني فمجرى الاستصحاب فيه هو المجموع الملتئم من ما اعتبر فيه ، اذ هو مسبوق بالعدم ، ولكن الشك في بقاء ذلك على العدم مستند الى الشك في أن هذا الموجود هل هو مصداق لما رتب عليه الاثر شرعا ام لا؟ ومقتضى اصالة الصحة كونه مصداقا له ، فهي حاكمة على الاستصحاب.
واما القسم الاول : فان قلنا باعتبار اصالة الصحة من باب الطريقية فتقدمها عليه واضح ، وأمّا ان قلنا بكونها من الاصول العملية فتقدمها عليه مشكل ، لانه كما ان مقتضاها كون الواقع جامعا لتمام ما اعتبر فيه كذلك مقتضاه عدم تحقق الشرط الكذائى مثلا.
ولا يتوهم ان الاستصحاب حاكم على القاعدة ، من حيث ان الشك في الصحة مستند الى الشك في تحقق ما اعتبر فيه ، ومقتضى الاستصحاب عدمه ، كما هو المفروض ، لان ما يصح بالقاعدة ليس عنوان الصحة حتى يقال : ان الشك فيها ناش من الشك فيما اعتبر في الموضوع ، بل مفادها تحقق ما يكون مصداقا للصحيح في الخارج ، مثلا لو شك في صحة عقد وقع في الخارج من جهة الشك في بلوغ العاقد فمقتضى اصالة الصحة صدوره من البالغ ، ومقتضى الاستصحاب عدم بلوغ العاقد ، ومن المعلوم عدم حكومة احدهما على الآخر.
ويمكن ان يقال : بحكومة الاستصحاب من جهة ان مجراه نفس القيد المشكوك فيه ، ومجرى أصالة الصحة هو العقد من حيث تقيده بما اعتبر فيه ، ومن