والثانية ان الخصوصية المعتبرة في الموضوع هو عدم العلم بمنع الشارع ، لا عدم منع الشارع واقعا.
والثالثة جواز منع الشارع عن العمل بظن في حال الانسداد.
اما الدليل على الاولى : فهو ان وجه الزام العقل العمل بالظن انما هو تنجز الواقعيات بواسطة قيام الحجة عليها من العلم الاجمالى ، وانه مع هذا الوصف لا يأمن المكلف عن العقاب لو ترك العمل بما يظن كونه حكما واقعيا ، وبعد منع الشارع عن العمل بظن يقطع بعدم العقاب على مؤدى ذلك الظن ، وان كان حكما واقعيا.
واما الدليل على الثانية : فهو ان احتمال منع الشارع عن العمل بظن في حال الانسداد راجع الى احتمال براءة ذمة المكلف عن مؤداه ، لو كان حكما واقعيا ، وبعد قيام الحجة اعنى العلم الاجمالي لا يعتنى بهذا الاحتمال ، وهل هذا الا كاحتمال حجية ظن في حال الانفتاح ، فكما انه هنالك لا يجوز الاكتفاء بالاحتمال المذكور في قبال الامتثال العلمى ، كذلك لا يجوز هنا الاعتماد عليه في قبال الامتثال الظنى ، وهذا واضح جدا.
واما الدليل على الثالثة : فهو ان وجه عدم الجواز منحصر في امرين : احدهما اجتماع الحكمين المتضادين في موضوع واحد ، والثاني تفويت المصلحة. والجواب عن الاول ان اختلاف مرتبة الحكم الظاهري والواقعي يصحح وجودهما بدون تناف وتضاد اصلا ، وعن الثاني ان تفويت المصلحة قبيح لو لم تكن تلك المصلحة مزاحمة مع مصلحة اخرى ، إمّا في الجعل وإمّا في متعلقه ، وقد ذكرنا نظير ما ذكر هنا في رد اشكال جعل الطريق في حال الانفتاح مستقصى (١) ، فراجع فان المقامين من واد واحد اشكالا وجوابا.
الامر السادس : لو قام فرد من افراد مطلق الظن على حرمة العمل ببعضها
__________________
(١) ص ٣٥٤ ـ ٣٥١ ، الوجه الاول والثاني.