فهل يجب الاخذ بالظن المانع ، او الممنوع ، او يحكم بالتخيير ، او يسقط كلاهما عن الاعتبار؟
اقول : قد عرفت مما ذكرنا سابقا في تعيين نتيجة دليل الانسداد ان مقتضى القاعدة احد امرين : اما التبعيض في الاحتياط ، وهو تركه في الموارد التى يطمئن بعدم ثبوت التكليف واتيان الباقي ، اذا ارتفع الحرج بذلك ، وإلّا يتعدى الى مطلق الظن النافى ، واما الظنون المثبتة فحالها عند هذا القائل حال الشك ، يحتاط فيها ، لانها من اطراف العلم ، لا من جهة انها ظنون ، واما وجوب العمل على طبق الظنون الاطمينانية المثبتة للتكليف بمقدار المعلوم بالاجمال ، وأما الظنون النافية حالها عند هذا القائل حال الشك ، في الاخذ بمقتضى الاصل ، فعدم الاحتياط فيها ليس من جهة الظن بعدم التكليف ، بل لان مواردها مجرى الاصل.
وعلى كلا الحالين لا اشكال في المقام حتى يحتاج الى الدفع.
اما على الاول : فالظن الممنوع ان كان مثبتا للتكليف فيجب عليه ان يحتاط في مورده ، لا لانه ظن ، بل لانه من موارد الاحتمال ، فلا يضر هذا المدعى الظن بعدم حجية الظن المفروض ، بل لو قطع بعدم حجيته ايضا يحتاط في مورده ، لانه من اطراف العلم. والحاصل ان المدعي لهذا القول لا يأخذ الظن المذكور حجة حتى يمنعه الظن المانع ، وان كان نافيا له وكان من الظنون الاطمينانية او بنينا على التعدى منها الى غيرها من الظنون لعدم ارتفاع الحرج بترك الاحتياط في خصوص الظنون الاطمينانية ، فلو كان المرجع في عدم حجيته الى مجرد أن الشارع لم يجعله حجة فلا اشكال في ان الظن بعدم الحجية بهذا المعنى لا يضر بترك الاحتياط ، بمقدار رفع الحرج ، بمقتضى الظنون النافية للتكليف ، بداهة ان تارك الاحتياط في المقدار المذكور في موارد الظنون النافية وان كان بعضها مما ظن عدم اعتباره لا يخرج من انه ظان ببراءة ذمته مما كان عليه ، والعقل لا يحكم عليه ازيد مما ذكر ، ولو كان المرجع الى حرمة العمل